من المألوف أن يلاحق الإعلام الملكات والأميرات، والشهيرات في الفن والرياضة، وغالباً ما يكون التركيز على الظهور الشخصي، والسلوك، والهيئة العامة، والسياسيّات لسنَ استثناء في هذا السياق، فلم تنجُ الرئيسات والوزيرات من فضول الصحافة، الذي يستجيب لفضول الجمهور، ورغبته في معرفة تفاصيل كثيرة عن الحياة الشخصية لنساء صنعن شهرتهن بصورة مختلفة.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أكثر النساء اللواتي يركز الإعلام على حضورهن العام، خصوصاً أنها كسرت بشخصيتها الكاريزمية كثيراً من القوالب والأنماط السائدة عن «المرأة الزعيمة»، حتى إن طالباً هولندياً تتبع ظهورها بالملابس نفسها في مئة مناسبة، وكثيراً ما تحدثت الصحافة العالمية عن مظهرها البسيط، ورصدت عفويتها في اللقاءات الرسمية والشعبية.
لم تنشغل ميركل بهذا الأمر. فهي تقود أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي، ولا تزال بلادها أكثر دول القارة قوة وتأثيراً في القارة العجوز. وكثيراً ما أشارت استطلاعات الرأي العام إلى أن الألمان معنيون بأدائها السياسي وأسلوبها في القيادة، وليس بما ترتديه من ملابس، ولا ما تحمله من حقائب، وهذا يفسر بوضوح إعادة انتخابها في المنصب الألماني الأول منذ 2005.
ميركل احتفلت هذا الشهر بعامها الخامس والستين، بعد سنوات طويلة من عملها مستشارة لألمانيا وزيرة وبرلمانية، وقد سجلت الكاميرات في الأسابيع الأخيرة أكثر من ارتعاش أصابها، أثناء لقاءات رسمية مع زعماء من العالم، وخلالها تمكنت من تجاوز المواقف، بعد دقائق، لكن الإعلام لم يتجاوزه أبداً.
تكرار ارتجاف الزعيمة الأوروبية مادة دسمة ومعتادة للجمهور، فالصورة التي انطبعت في أذهان كثيرين كانت عن امرأة قوية، كثيرة الدقة والوضوح في مواقفها السياسية، مجادلة بإقناع لخصومها ومعارضيها، بدليل موقفها الأخلاقي والصارم في الدفاع عن مسؤولية ألمانيا في استضافة اللاجئين السوريين، رغم تعنت اليمين الأوروبي عموماً.
الألمان انتابهم القلق على صحة زعيمتهم، لكنهم نظروا إلى الأمر من زاوية أنها إنسانة أجهدها العمل، وتعاني عوارض صحية طبيعية، وتحتاج إلى المتابعة الطبية والراحة، ولم يتأثر تقييمهم لأدائها، بسبب حالات الارتعاش، ولم يعتبروا أن ذلك نال من صورتها، كواحدة من أقوى زعيمات وزعماء العالم.

ضوء

مرض أنجيلا ميركل مقلق إنسانياً للألمان الذين اختاروا زعيمة استثنائية، لا ترتجف أبداً عندما يتعلق الأمر بمصالحهم، وربما لن يكون الأمر مختلفاً لو كان رجل يجلس مكانها على سدة الحكم.