يعد المصور السينمائي محمد بكر عميد مصوري فوتوجرافيا السينما الذي صوّر عشرات الأفلام السينمائية، تحفل ذاكرته بالمواقف مع نجوم الفن المصري، الذين باح بأسرارهم في حديث الزمن الجميل.

• من أول فنانة صورتها؟
تحية كاريوكا، وبذلك أصبحت أصغر مصور في الوسط الفني، فقد كنت أثناء دراستي الثانوية في الإجازة الصيفية أقضي الوقت مع والدي المصور الشهير حسين بكر، وذات يوم كان يصور تحية كاريوكا، وقتها حملت إحدى الكاميرات ورحت أصورها، فالتفت إليّ غاضباً وانهال عليَّ توبيخاً، وحتى تنقذني تحية منه ومن لومه لي، طلبت أن أصورها، وبعد أن انتهيت ورأى والدي الصور، أعجب بها، وهكذا ظهرت موهبتي أمامه وأمام الفنانة التي شجعتني كثيراً، وكانت تحية حينها تصور فيلم «سمارة» مع محسن سرحان وسامية جمال، وحرصت على أن ألتقط أكثر من صورة نادرة لسامية وتحية في رقصة خاصة وأعتز كثيراً بهذه الصور.

عصبية تحية وهدوء سامية
• لكن كيف جمعت بين سامية جمال وتحية كاريوكا، رغم الخلافات بينهما؟
أُثير الكثير حول خلافات حدثت بينهما ولكن هذا غير صحيح على الإطلاق، بل كانتا تتقـــــابلان أثناء التصوير وتتبادلان الضحكات وتظهران معاً على الأفيشات. كان هناك احترام وتقدير متبادل، لكن الإعلام لعب دوراً كبيراً في إثارة الفتنة والضغينة بينهما، خاصة أن الاثنتين تزوجتا من رشدي أباظة وهو ما شـــــجع بعض الصحف على نشر شائعات استفزت كلاً منهما وأشعلت النار.

• يقال إن تحية كاريوكا كانت عصبية خلال التصوير، فكيف ساعدتك وتعاملت معك رغم حداثة سنك؟
فعلاً كانت تحية عصبية جداً، عكس سامية جمال التي كانت هادئة ووديعة للغاية. لكن تحية كانت شهمة وصريحة وتدافع عن المظلوم وتسانده وتقف بجانبه، وعندما صورت فيلم «سمارة» كنت صغيراً في السن، وليس لديّ خبرة في المجال، فكنت أشعر برهبة مكان التصوير، وفوجئت بالمخرج يصرخ في وجهي ويطردني من الاستوديو. فجاءت تحية وتشاجرت مع المخرج وأنصفتني وطلبت عودتي لألتقط لها الصور. ولم يتوجه المخرج إليّ بكلمة طوال التصوير مراعاة وتقديراً لها.

بين الماضي والحاضر
• ما الفرق بين التصوير الفوتوجرافي للسينما زمان وهذه الأيام؟
الساحة حالياً خالية من المصورين المحترفين، بعدما أصبح التصوير عملية تجارية واقتحم الدخلاء المجال بالفهلوة، فعندما أقلب صفحات المجلات وأشاهد صور الفنانين لا أشعر بأي مصداقية، فقد اختفت الصورة المعبرة التي تتكلم عن نفسها، رغم تطور إمكانات التصوير من حيث الطبع وظهور الديجيتال وكاميرات التصوير المتحركة، لتتبع خطوات الفنان أينما ذهب بعد أن كانت ثابتة. نحن عانينا كثيراً في مهنتنا ولم تقدم لنا شهرتنا على طبق من فضة مثل المصورين الحاليين.

• وما الفرق بين تصوير نجوم الماضي ونجوم الحاضر؟
نجوم الماضي كانوا متعاونين كثيراً معي كمصور، فعندما كنت أطلب منهم التصوير عقب انتهاء المشهد كانوا يتعايشون معي، مثل تعايشهم مع الدور الذي يؤدونه في الفيلم بثبات غير عادي. هكذا أخذت لقطات سحرية لفنانات كثيرات مثل شادية وفاتن حمامة وسعاد حسني. ولكنني أندهش الآن عندما أطلب من فنان تصويره بعد المشهد بالانطباع الخاص بالشخصية التي يجسدها في الفيلم، فيقول إنه لا يستطيع أن يكرر التعايش بحجة انفصاله عن الشخصية بعد انتهاء المشهد.

الزعيم
• وثقت بعدستك 90% من أفلام «الزعيم» عادل إمام، فكيف هي علاقتك به؟
أنا وعادل إمام بمثابة «أخوين بجد»، وهو دائماً يقول ذلك. وذات مرَّة أثناء تصوير والدي لفيلم يُشارك فيه نادى عليه والدي، وقال له: «إنت هتبقى ممثل كويِّس أوي»، فقال له: «يا رب يا عم حسين». وعندما تُوفِّي والدي حزن عليه كثيراً، وقال لي: «متفكَّرش إنه أبوك لوحدك، ده أبويا أنا كمان».

• من أبرز النجوم الذين صورتهم بشكل شخصي؟
الفنانة الراحلة سعاد حسني حيث كانت تحب أن تسجل كل لحظة في حياتها، وكانت ذكية للغاية، وصورت 70% من أفلامها وكانت تتقمص الشخصية لأقصى درجة من الاحترافية والإحساس، كما كانت تصمم ملابسها وتضع المكياج الخاص بالدور بنفسها. كما عملت مع الفنان الكوميدي الراحل إسماعيل ياسين، وكان يعمل في ثلاثة أفلام في وقت واحد. كما صوَّرت أوَّل فيلم للفنانتين ليلى علوي وميرفت أمين، وعمر الشريف كان صديقاً لي وصوَّرت له فيلم «حسن ومرقص»، كما أعتز بعمل فيلمي «وراء الشمس»، و«سمارة»، وهما من أحب الأفلام إليّ. كما أن العمل مع يوسف شاهين كان عالمياً، وصوَّرت جزءاً من فيلم «الناصر صلاح الدين».

عرض مُغرٍ
على هامش الحوار، كشف محمد بكر عن تلقيه عرضاً مغرياً لبيع أرشيف والده الفوتوجرافي السينمائي لباريس، لكنه يرفض أن يفرط بهذه الثروة، ويتمنى أن تبادر وزارة الثقافة المصرية إلى تخليد إرث والده الفوتوجرافي، معتبراً أن صور والده وصوره، تؤرخ لجانب مهم من تاريخ الدولة المصرية.

زيجات الزمن الجميل
يعد المصور السينمائي محمد بكر شاهداً بعدسته على زواج الكثير من نجوم الزمن الجميل، فقد صور زفاف أنور وجدي وليلى مراد، وزفاف عمر الشريف وفاتن حمامة، وزواج أحمد زكي وهالة فؤاد، وعرس نور الشريف وبوسي.