عشقت ياسمين يسري عالم الموضة والأزياء منذ نعومة أظافرها، ونما داخلها هذا العشق مع مرور السنين، وكانت تنتظر تخرجها في الجامعة لتتابع انطلاقتها في عالم الموضة والأزياء، إلا إن صدمتها كانت شديدة عندما علمت بأنها مريضة بالسرطان، وبات مرضها شبحاً يهدد حياتها يوماً تلو الآخر، لا سيما أن المرض يعاود الهجوم عليها بعد تمام شفائها ثلاث مرات متتابعة، فقررت تحديه، إلى أن شُفيت نهائياً بعد سنوات من الألم.

أنشـأت ياسمين صفحتها على «إنستجرام» وسرعان ما جمعت أكثر من 250 ألف متابع معظمهم من الشباب، نالت إعجابهم وأصبحوا متابعين ليومياتها يشاركونها همومها وأفراحها ويتعلمون من تجربتها، كما أصبحت ملهمة لهم، فهي تشجعهم على تحدي أي فشل وتفتح أمامهم أبواب الأمل والتفاؤل، وفي الوقت نفسه تشاركهم إطلالاتها من خلال عالم الألوان والأزياء الأنيقة.

حياة مختلفة
تقول ياسمين عن حياتها: «عالمي الآن ممتلئ بالألوان والمرح، بعد أن تجاوزت محنة السرطان خلال أجمل سنوات عمري، وأرفض بشدة استخدام جملة «هذا مريض سرطان» وأستخدم كلمة محارب أو بطل بدلاً منها، وهي تعبر فعلياً عن ما يعانيه مريض السرطان من الألم الجسدي والنفسي». عن مرحلة دراستها، تقول: «كنت طالبة مجتهدة فقد تخرجت في كلية الافتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ولم أنسَ يوماً عشقي للأزياء غير التقليدية، حتى لقّبني زملائي بـ(ملكة الموضة)، إذ لدي القدرة على أن أشعر الآخرين بأن الثوب الذي ارتديته أمس ليس ما أرتديه اليوم خاصة بعد وضع لمساتي الخاصة».

شيء مختلف
تسعى ياسمين إلى تقديم شيء مختلف في عالم الأزياء طوال سنوات عمرها، فبدأت بشراء ملابس ذات ماركات عالمية من مختلف دول العالم وكانت تدمجها مع ملابس محلية الصنع وتتقن اختيار الألوان وتنسيقها لتصبح ملابسها قطعة فنية غير تقليدية مميزة. وعن مرحلة المرض وصدمتها الأولى، تشير إلى أنه بعد تخرجها التحقت بالعمل في عدة وظائف مختلفة إلى أن شعرت بآلام مبرحة في جسدها، وفي البداية لم تُعرها اهتماماً إلى أن شخّص الطبيب معاناتها عام 2007 بأنها «سرطان الغدد الليمفاوية».
يمر شريط ذكريات ياسمين أمامها وهي تروي قصتها، وتضيف: «بدأت خلال تلقي العلاج بجلسات الكيماوي، وبدأ الشعور بالوهن والمرض يهاجم جسدي ولم أبالِ، ثم استيقظت يوماً وكانت صدمتي وأنا أمشط شعري وأشاهده وهو يتساقط أمامي كاملاً على الأرض، لكنني استجمعت قوايَ، وقررت التفكير بشكل إيجابي وإنني أستطيع أن أنتصر وفكرت في خصل الشعر المستعار «الباروكة»، والاهتمام بمظهري كأي فتاة طبيعية، وأقنعت نفسي بأن الأزمة بدأت تنفرج وفي طريقها إلى زوال».

أمل وألم
تشير ياسمين إلى أنها لم تشعر باليأس يوماً بالرغم من المعاناة ومعاودة المرض بشراسة، مضيفة: «لكني استطعت تجاوز الأمر وتحمل جرعات الكيماوي للمرة الثالثة، حتى أصل إلى الشفاء التام، وبدأت بإنشاء صفحتي على «إنستجرام» بهدف بث السعادة في قلوب الذين يعانون من البشر، بعد أن أحكي لهم تجربتي مع المرض وما تحملت من الآلام الجسدية والنفسية، لكن ما يشغل بالي على الدوام، هو نظرة المجتمع القاسية إلى مريض السرطان، فالشفقة وأحياناً التهكم وفي بعض الأوقات اللامبالاة، كلها أمور يجب أن تختفي من عالمنا، فمريض السرطان بحاجة إلى دعم المحيطين ومساندتهم، حتى يتجاوز محنته بسلام لا أن يجرح أحدهم مشاعره ويتسبب في إيلامه، فلديه من الألم ما يكفي».

محارب وبطل
 عن ذكرياتها مع المرض، تقول ياسمين: «من أغرب القصص المؤلمة التي يسردها عليَّ بعض المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، شكاوى بعض مرضى السرطان الشباب، من عدم تقبل الناس لهم ورفض بعض الأهالي تزويجهم، فضلاً عن قصة إحدى الأمهات التي كانت تعاني مرض السرطان، وتخفي الموضوع عن عائلتها حتى لا تتسبب في إزعاجهم، فمريض السرطان محارب وبطل صقل المرض شخصيته وميّزه عن الآخرين».