تواصل «هيئة الترفيه»، عبر برنامج حفلات السعودية، إعادة تصحيح المسار المعيشي والعمل على تأهيل وصياغة مكونات المجتمع السعودي على النحو الحضاري المعبر عن أسلوب الحياة الحديث، بتوفير متطلبات الحياة اليومية من ثقافة وفنون ومهارات وسلوك، وسط ترحيب كبير وملموس من الشارع السعودي ومختلف شرائح المجتمع.
وفي الوقت الذي زارت فيه قافلة الغناء والموسيقى معظم المدن والمحافظات المعروفة، مثل الرياض وجدة والدمام، تابعنا كيف أن قافلة الحفلات السعودية وصلت إلى المناطق التي لم تشهد تنظيم حفلات غنائية منذ زمن طويل، مثل نجران وجيزان وحفر الباطن والأحساء، بينما لم يخطر على بال أحد أن تقوم «هيئة الترفيه» يوماً ما بتنظيم حفلات غنائية في محافظة بريدة، التي تصنف من أكثر المدن المحافظة في السعودية والتي لم يقم فيها أي حفل غنائي منذ ما يربو على 40 عاماً، ولقي الإعلان شعوراً مفاجئاً أقرب إلى الاستغراب وعدم التصديق، بأن هناك حفلات غنائية في بريدة تم الإعلان عنها، ورافق الإعلان عن حفلات بريدة معطيات كثيرة لم تخطر على بال أحد، ومن هذه المعطيات نفاد التذاكر في غضون 21 دقيقة من طرحها في مراكز البيع، وقد تبادر على الفور أن جماعة الإخوان المسلمين هي التي قامت بشراء التذاكر رغبة في عدم حضور الجمهور، وعطفاً على ذلك فإن الشركة المنظمة قد استعدت لمواجهة هذا التصرف، بما يكفل تنفيذ الحفلات على النحو الأمثل، وأعلن أن الذين سيحيون حفلات بريدة هم الفنانون: محمد عبده، وخالد عبد الرحمن، وفي يوم الحفلات امتلأت مدرجات ملعب بريدة الرياضي بالجمهور الحاضر من خارج المدينة عن بكرة أبيها، في صورة فنية بديعة لم تحدث من قبل، فالجمهور المتعطش لهذا النوع من الثقافة والترفيه الناجح بكل المقاييس سجل موقفاً إيجابياً بحضوره مبكراً.
بدأ الحفل بالفنان خالد عبد الرحمن، الذي يملك جماهير كبيرة، تفاعلوا بقوة مع فنانهم المفضل الذي لم يلتقِ الجمهور في بريدة من قبل، وقدم وصلة ناجحة بكل المقاييس الفنية، فقد دغدغ الجماهير بتلك الأغاني التي قدمها في مشواره، وذاعت ورسخت في الذاكرة والوجدان، واستطاع ببراعة أن يحلق بالجمهور عالياً في سماء بريدة، التي تستقبل وجود هذا النوع من الثقافة بعد غياب طويل، وما تحقق لخالد عبد الرحمن عوض به جمهوره الذي يطالبه باستمرار الحضور الفني المطلوب كما ينبغي أن يتواصل معه.
وفي الوصلة الثانية التي قدمها الفنان محمد عبده الذي لم يغنِّ في بريدة من قبل، ما إن أطل على المسرح حتى استقبله الجمهور بفرح عارم، وسار على نهج خالد عبد الرحمن الذي اختتم واحداً من أهم حفلاته الغنائية في بريدة، ليصعد بعده الفنان محمد عبده على خشبة المسرح ويحيي جماهيره العريضة بعد هذا الغياب، وأنه بحالة شوق عارمة وانطلق متنقلاً بين أغنياته التي تفاعل معها الجمهور بقوة وبالذات أغنية «البراقع»، ولكن أبرز حدث مر على الفنان محمد عبده هو دخول جرادة في الحفل بشكل مفاجئ، واستقرت على جبينه في اتجاه اليسار، الأمر الذي لم يكن في الحسبان، وران الصمت على الجمهور والمنظمين، وعبده يغني والجرادة على جبينه في سعادة بالغة.
وهو ما يشير إلى أن وجود عبده، كفنان، على رأس فناني بريدة والمملكة مدعاة في ذلك المساء للفرح والسرور، وهي رسالة للمجتمع ادعموها على مواصلة التفاعل مع برامج وأنشطة الهيئة.