تسللت مصورة فوتوغرافية أميركية، تدعى ديمي دايمند، إلى عالم عاشقات دمى «الريبورن» شبه الحقيقية، لكي تعرف كيف يشعرن، ولماذا يعشن حالة غريبة من الارتباط بهؤلاء الرضع غير الحقيقيين؟

يتكون مجتمع ثقافة «الريبورن» من سيدات يجدن متعة لا توصف في جمع وتبني دمى بأشكال أطفال رضع، تسمى دمى الريبورن Reborn، المصنوعة من مواد الفينيل والزجاج وجلد الغزال، وتغلف وجهها ورأسها 80 طبقة من الصباغة. واللافت أن هذه الدمى مصنوعة يدوياً بإتقان شديد، لدرجة أن كل من يقترب منها يشعر بأنها تكاد تنطق وتتنفس.

دقة عالية
تعتني بعض الأمهات بتلك الدمى كأنها فعلاً رضع حقيقيون من لحم ودم، يجهزن لكل دمية غرفتها الخاصة ويقمن لها عيد ميلاد كما يقمن حفل الشهر السابع من الحمل التي يتم فيه الإعلان عن جنس الجنين. وتأتي دمية الرضيع أقرب ما يكون إلى هيئة مولود حقيقي، حتى في أدق تفاصيلها، أظفار دقيقة جداً زهرية اللون، أوعية دموية زرقاء رقيقة تظهر تحت البشرة، حتى اللعاب الذي يسيل من فم الرضيع. ويصل سعر هذه الدمى إلى مبالغ قد تصل إلى آلاف الدولارات.

مشروع فني
من أجل سلسلة صورها التي اختارت لها عنوان «حب الأم»، اختارت المصورة الفوتوغرافية المقيمة في نيويورك جيمي دايمند أن تغوص في أعماق مجتمع تبني الدمى الرضيعة أو مجتمع «الريبورن»، هذا المجتمع الذي بدأت تتضح ملامحه في الولايات المتحدة في أواخر التسعينات من القرن الماضي. وقد عرفت دايمند لأول مرة هذه الحركة عام 2010، بينما كانت تعمل على مشروع بورتريه ذاتي.

مجتمع
بعد أن عثرت دايمند بالصدفة، خلال مزاد في موقع البيع الإلكتروني إيباي، على دمى رضيعة تكاد تكون حقيقية وبأسعار مبالغ فيها بالنسبة إليها، اقتنت دميتها الأولى، وتقول: «عندما اشتريت أول دمية، عرفت أنني قد وجدت مشروعي المقبل الذي سأعمل عليه، لذا أنا مهووسة بهذه القصة وبالمجتمع الذي تكون حولها ويساندها».

تقمص
في البداية، واجهت دايمند صعوبات في دخول هذا المجتمع شبه المغلق والحصول على ثقة سيداته، وذلك رغم وجودهن الكبير على الإنترنت. ولفهم أمهات «الريبورن» بشكل أفضل تحولت دايمند نفسها إلى أم «الريبورن» محترفة. تقول: «خلال السنتين الأخيرتين، سافرت كثيراً عبر مختلف أنحاء البلاد لتعلم فن«الريبورن» من كبرى رائدات هذه الحركة، شاركت في تجمعات ودورات تدريبية، ودرست مع مقتنيات وصانعات دمى شهيرات، وصورتهن داخل بيوتهن. كما عرفت أن بعض السيدات اللواتي يهوين جمع تشكيلات من هذه الدمى، إما سبق أن فقدن رضيعاً أو عانين الإجهاض المتكرر».

إبداع
تعتبر عملية صناعة الدمية الرضيعة، والتي يطلق عليها «ريبورنينغ» أو إعادة الولادة، عملية مضنية وتستغرق وقتاً طويلاً، حيث تستغرق صناعة "رضيع" واحد أسابيع عديدة من العمل. فمثلاً، يثبت الصانع أو الصانعة بيده شعر الدمية شعرة شعرة في فروة رأسها، كما أنهم يعملون على محاكاة لون بشرة المواليد الجدد، من خلال وضع 80 طبقة من الصباغة على الدمية المصنوعة من الفينيل، والتي تدخل فرناً ساخناً بعد تلك المرحلة من أجل تثبيت اللون، إضافة إلى أن بعض هذه الدمى يتم رشها بعطر يشبه رائحة المواليد الجدد.

دوافع نفسية
السيكولوجية القائمة خلف جمع دمى «الريبورن» معقدة جداً. في بعض الحالات، نجد أن السيدات اللواتي يتبنين الدمى، هن أمهات فقدن مولوداً بعد أن عانين إجهاضاً متكرراً، كما جاء في تقرير لقناة «إي بي سي» الأميركية، ومثلاً قالت إحدى صانعات الدمى، وتدعى إيفا نيوسوم والمقيمة في ولاية فلوريدا، إن شغفها بهذه الدمى ناجم عن عدم قدرتها على الإنجاب، وأيضاً عدم توافر الشروط المادية الكافية لكي يسمح لها بتبني طفل»