للحب حالات كثيرة، وهو أشبه ما يكون بالكائن الحي الذي يمتلك كل مقومات الحياة، ولا يعيش لغيره أو بغيره، فمن الصادم أن تكون هناك مقولات اجتماعية، تشوه الحب من حيث إنها أصبحت مقولات متعارف عليها.
فكثيراً ما نسمع أن نهاية الحب هي الزواج، رغم حسن النية فيما يقال، فالقصد أن كل علاقة حب من الطبيعي أن يكون آخرها الزواج، وها أنا لم أقل نهايتها الزواج، فهو مرحلة امتداد لمرحلة الحب، وليس نهاية أو مكملاً للحب، فلا شيء يقتل الحب، ربما هناك ما يوقف تدفقه في المشاعر أو يربكه ولكن لا نهاية بمعنى النهاية.
والتعبير عن مشاعر الحب عند الشعراء والكتاب وعامة الناس، يشير إلى أنه حالة عظيمة تحكم وتتحكم في المشاعر، وهناك من لم يجد لها وصفاً كما قال الشاعر القيرواني، في رثاء ابنه المتوفى عن عمر عشر سنوات، وهو وصف يصلح لكل حالة حب، حتى بين الرجل والمرأة.
إني أحبك حباً ليس يبلغه     فهمٌ ولا ينتهي فهمي إلى صفته
أقصى نهاية علمي فيه معرفتي     بالعجز مني عن إدراك معرفته
فكما أن الزواج شركة يؤسسها زوجان، ويجب أن يحافظا على استمرارها ونجاحها وتطويرها، والنأي بها عن كل ما يربكها، كذلك هو الحب، شركة مقفلة على اثنين، يحافظان عليها ما بقيت القلوب نابضة، وليس إلى أن يصلا إلى الزواج فتنتهي علاقة وتبدأ علاقة أخرى.
في المجتمعات الغربية يكون هذا الامتداد الطبيعي أكثر وضوحاً، حيث إن علاقة الحب تشبه الزواج تماماً، وعلاقة الزواج تشبه حالة الحب تماماً، وعلى الرغم من أن ذلك سلوك اجتماعي يختص به كل مجتمع، إلا أن الفكرة التي أشير إليها هي ذاتها.
فكيف لامرأة تحب وتقول لمن تحب: أرجوك حاذر أن تخرج من قلبي، حتى لو قيل إن سبب مرض قلبي هو أنت، يمكن أن ينتهي حبها بالزواج أو كما قيل إن الزواج مقبرة الحب، وكيف لمن يقول لمن يحب: خففي خطاك حين تمشين بقلبي، لا خوفاً أن تدوسي على الشرايين، ولكن خوفاً عليك أن تتعثري بها، يمكن أن ينتهي حبه بعد عقد رسمي يسمى عقد الزواج.
لقد اخترت عنواناً يسمى باللغة نكرة غير معرفة، لعلمي أن الحب وكلمة حب لا يمكن أن تكون نكرة، فهي معرفة عند الصغير والكبير، وعند الجاهل والعاقل، (حب) ما إن يسمعها أي شخص حتى يدرك أن هناك تعابير وأحاسيس قادمة، وصوراً خالدة.

شـعر

أأنا أحبك..؟

وأعلنتُ اللجوء لغابةٍ سوداءَ

ما الذي يأتي بصوتكِ

تحملها الجباه

كلما حدَّقتُ في سمعي

«وأنا أحبكِ»..

وأسْرجتُ السكونَ على مداهْ

هذه مرَّتْ على بالي وعادتْ

ما الذي يأتي..

حينما ضاقتْ بنا الأرضُ

وتضحكُ غابةٌ جاورتُ ربقتَها

وظلَّ القلبُ يمتدُّ من الشوقِ أساهْ