في حياتنا هناك عابرون وهؤلاء كثر، وهناك مزروعون في قلوبنا وذاكرتنا، مهما باعدتنا المسافات والسنوات. حدث في مراهقتنا أن تبادلنا وأصدقاء، ظننا أننا لن نفارقهم أبداً، ذاك القلب المقسوم من المنتصف كل طرف عليه حرف، أو بداية قول، أو جملة يكملها ما هو مكتوب على النصف الآخر من القلب.
مع الرحيل في زوايا الحياة، وجدنا نصفنا من القلب في صندوق ذكرياتنا، لكننا نسينا مع أي من الأصدقاء «المفترضين» شاركنا النصف الآخر. عدنا نبحث في الذاكرة، لكنها خانتنا كما تخوننا طاقتنا وقوانا أحياناً، لجأنا إلى الوسيلة الأنجع في البحث عن أصدقاء المدرسة أو حتى الجامعة عن طريق الفيسبوك. هذا الذي غير اسمه ويستخدم الآن لقبه بدلاً منه، وهذه الجميلة التي كانت تتباهى بسحرها، وتردد أنها ستبقى هكذا إلى الأبد، يبدو أنها ما زالت مصرة على ذلك، لكن للأسف بشكل مبالغ فيه، اختفت ملامحها التي نعرفها، من كثرة اللجوء إلى أحدث ما توصل إليه طب التجميل، لم تعد تشبه نفسها على الإطلاق. وتلك التي كانت متحررة الأفكار أبعد بمسافات عن سقوف الليبرالية أو حتى العلمانية، ها هي تشارك منشورات تنظيمات لم أكن أتوقع أنها ستتفاعل معها يوماً. وهناك الذي درس الطب وترك ممارسته وأصبح تاجر عقارات أو رجل أعمال، كما يحب أن يسمي نفسه، ولا يتوقف في حديثه عن المكاسب التي يمكن تحقيقها والخسارات التي عليك تجنبها وهناك.. وهناك.. وهناك. حاولت أن أعيد التواصل معهم، لكني فشلت لم يعد هناك موضوع مشترك نتفق على مناقشته معاً. خلت تلك الأيام أنهم كانوا أصدقاء لكن بعد مضي الأيام عرفت أنهم كانوا عابرين فقط. ربما أنا من تغير وليسوا هم، لكن هكذا هي الحياة تبقي على القلة القليلة في حياتنا ممن يمكن أن نسميهم أصدقاء.