• من قال إن الجمهور العربي لا يقرأ؟ ومن جزم أننا نعيش اليوم في زمن ثقافة الصورة فقط؟ إذ يحاول كثيرون جاهدين إقناعنا بأن الجيل الجديد من «الفانز» والمتابعين لمقابلات وأخبار النجوم هجروا الكتب والمجلات، وأدمنوا الـ«سوشيال ميديا» لمعرفة جديد أهل الفن. وكدت أصدق لوهلة أن هذا حقيقي، وأن كل المقابلات التي أجريها ويسطو عليها للأسف الكثيرون، معيدين نشرها في منصات التواصل الاجتماعي، من دون نسبها إلى مصدرها «زهرة الخليج»، باتت جهداً ضائعاً في ظل الفوضى الإلكترونية الحاصلة، إلى أن جاء من يبرهن لي عكس ذلك، ويثبت لي أن هناك جيلاً واعياً ومثقفاً، لا يزال يقرأ ويفهم ويحلل وينسب الأمور إلى أصحابها. ومن هؤلاء قارئ سعودي مخلص اسمه محمد سعيد، هو يتابع بدقة كل المقابلات التي أجريها مع النجوم منذ زمن طويل. وقد بعث لي هذا المحب يقول: «لفت نظري وأنا أقلب في أرشيف حواراتك الموجود عندي لقاؤك مع الفنانة المصرية زينة، كنت قد أجريته معها عام 2008، المهم أنني فوجئت بما قرأت وكأنك «حاسس» بالمكتوب والمقدّر لزينة، فقد طرحت عليها سؤالاً فكاهياً، وجاءت إجابتها ظريفة، فتحوّل السؤال والإجابة لنصف حقيقة. وحقيقةً استوقفني الأمر 10 دقائق تقريباً من الصمت والتفكير، واكتشفت أن الإنسان يتكلم عن قدره دون أن يشعر، حيث سألتها حينها: ألم تفتح صديقتك المطربة شيرين عبد الوهاب شهيتك على الأمومة؟ فأجابتك زينة: مريم ابنة شيرين هي ابنتي، كذلك حلا ابنة أختي هي ابنتي، وبذلك عندي بنات كثير، لتسألها: لديك بنات عديدات لكن أين والدهن؟ وهذا لا يتحقق إلا بزواجك، فأجابتك زينة مازحة: «أولادي ليس لهم أب.. وبصراحة مش عايزة أتجوز». وكأن هذه المقابلة تنبأت بما سيصيب زينة بعد أن أنجبت توأميها من الفنان أحمد عز من دون أن يعترف بهما.
• وأيضاً منذ أيام أرسل لي القارئ نفسه يقول: «من خلال أرشيفك القديم مع الفنانين، وجدت قدراً آخر حصل من خلال لقاء قديم، كنت يا ربيع قد أجريته مع الفنانة حلا شيحا عام 2003، أوضحت من خلاله قصة حبها أيام المراهقة لشاب كندي، وسألتها حينها: هل تفضلين فارس أحلامك أجنبياً أم شرقياً؟ وبعد مرور سنوات عدة على لقائك معها، تزوجت حلا شاباً كندياً واعتزلت وتحجبت قبل أن تعود مؤخراً، لذا أقترح على الفنانين أن يراجعوا لقاءاتهم القديمة معك، علّ وعسى يجدون فيها ما يبحثون عنه، أو ما صادفتهم به الأيام من إجاباتهم السابقة».
• باختصار، ما تنبأت به في مقابلتي سواء مع زينة وحلا، أو ما تناقله عني كثيرون في مواضيع فنية عدة، آخرها تصريح نوال الزغبي في حوارها الأخير مع «زهرة الخليج» قائلة: «إذا تقدم وائل كفوري للزواج مني.. سأوافق»، حتى بات جميع من يلتقيها يسألها عن الأمر، وإن كان ما سبق يعزز من باب الثقة بالنفس لا الغرور، أسلوب حوارات أجريها، هو أيضاً برهان على كذب من ينفون زوال زمن القراءة، وأنهم بذلك لا يعلنون خسارتنا بل خسارتهم، لأن المبيعات وإن قلت تبقى الخسارة مادية، والمادة يمكن تعويضها، لكن خسارتهم الحقيقية ستكون، إذا لم يعودوا يقرؤون، والإنسان الذي لا يقرأ لا يغذي عقله، وبذلك يخسر بناء نفسه ويستحق ما سيصيبه.