50 سنة؟ يبدو الرقم ثقيلاً، لكننا لا ندري ما يتخفى وراءه. هل يمكن لقصة حب أن تعمر نصف قرن؟ كلنا نعرف الكاتب والمفكر والسياسي الكبير فيكتور هوجو Victor Hugo، الذي ترك أثراً بليغاً في الإنسانية بكتاباته. من لا يعرف رواية البؤساء التي حُولت إلى أفلام وصور متحركة وقصص أطفال وغيرها؟ من لا يعرف شخصية غافروش الذي أثر في الطفولة التي عاشت عصر الثورات الاجتماعية؟ لكن هناك دوماً جانباً خفياً يغفو وراء هذه الشهرة الأدبية الكبيرة والعالمية.
قصة حب مدهشة، ظلت تدير وتحرك مساراته الحياتية والإبداعية، بينه وبين الفنانة المسرحية، جولييت دروو (غوفان Gauvin) Juliette Drouet. كل شيء بدأ في سنة 1833، عندما رآها فيكتور هوجو لأول مرة، وهي تؤدي دور الأميرة نيغروني، في مسرحيته «لوكريس بورجية». بعد انتهاء العرض، حياها على أدائها الجميل وتوغلها في شخصية الأميرة. تأثرت بما قاله لها، فنشأت بينهما مراسلات أدبية طويلة تشكل اليوم رصيداً مرجعياً لمعرفة هذا الحب والعصر الذي عاش فيه. وعلى الرغم من زواجه بسيدة مجتمع، آديل Adel، أصبح فيكتور هوجو يقضي أغلب وقته في صحبة جولييت دروو.
بسرعة انتقلت العلاقة إلى الألسن، لكن فيكتور هوجو وضع شخصيته ككاتب وسياسي وبرلماني، في الميزان، واعترف بهذا الحب حتى أمام زوجته. فقد كان فيكتور هوجو كل شيء في حياة جولييت التي أوقفت عملها المسرحي، وتفرغت له فقط، حتى آخر يوم في حياتها. فأصبحت مساعدته الأولى، وشريكته في أعماله من دون أن يظهر اسمها، مع أن المختصين في المسرح بالخصوص، يعرفون جيداً ملامسها. لكن من يتكلم؟ فسلطة فيكتور هوجو الرمزية كانت أكبر من كل شيء.
يزخر اليوم رصيدهما بآلاف الرسائل المتبادلة التي تبين قوة الكتابة عند جولييت. وعندما وقع انقلاب لويس- نابليون الثالث، في 2 ديسمبر 1851، وقف فيكتور هوجو ضده بشكل معلن واعتبره تراجعاً عن مكاسب الثورة الفرنسية، مما جعل الشرطة تبحث عنه، واستطاعت حبيبته أن تنقذه هو وزوجته من إعدام أكيد، بتهريبه إلى بروكسل وجيرزي. آديل لم تقاوم هذا المنفى، فتوفيت، بينما أصبحت جولييت قريبة أكثر من فيكتور هوجو. ويوم توفيت في 11 مايو 1883، كانت قد أمضت 50 سنة برفقته، لم تطلب منه شيئاً سوى أن تظل حبيبته وملهمته وقريبة منه. التحق بها في الشهر نفسه، بعد سنتين من مرض غيابها (22 مايو 1885).