بعد صبر واتباع سياسة ضبط النفس، قرّر عاشق المسرح حتى النخاع، الفنان المصري أشرف عبد الباقي، أن يخرج عن صمته، ويرد على الهجوم والانتقادات التي تعرّض لها من زملائه النجوم: عادل إمام ويوسف شعبان ود.أشرف زكي، ويوضح سبب إحيائه «فرقة الريحاني المسرحية» من جديد، وأول عروضهم مسرحية «جريمة في المعادي» وهي قصة كوميدية تدور في حقبة العشرينات من القرن الماضي، ويكشف مدى تأثير الفرقة الجديدة على مشروع «مسرح مصر».

• لماذا قررت تجديد «مسرح الريحاني»؟
هو من المسارح التي أهملت تماماً وأصبح مهجوراً، وهو يقع في قلب «شارع عماد الدين» الذي كان يسمى بـ«شارع الفن»، ويضم 15 مسرحاً جميعها تم تحويلها إلى مقاهي أو أماكن مهجورة رغم أهميتها، ولأنني أعرف قيمة هذا المسرح ذهبت إلى ورثة الكاتب المسرحي بديع خيري، وطلبت منهم أن أقوم بعمل تجديد للمسرح، وأن أعيد له الروح من جديد، ولم يعترض الورثة، وسعدت لذلك كثيراُ لأن هذا المسرح له العديد من الذكريات الجميلة، ففي بداية مشواري وقفت على خشبة مسرحه عام 1987، عندما كنت أقدم مسرحية «خشب الورد» التي شارك فيها مجموعة من العظماء أمثال الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي، والفنان محمود عبد العزيز، وقد شارك معي في مشروع التجديد دكتور مادة الديكور محمود سامي من المعهد العالي للفنون المسرحية.

كنوز
• ماذا تقول عن كواليس تجديد المسرح؟
كانت الكواليس صادمة لي نوعاً ما، فعندما دخلت المسرح لم أجد اسم نجيب الريحاني مكتوباً فيه، فحرصت أولاً على أن أقوم بالاستعانة بخطاط لغة عربية مميز لكتابته وتذهيبه، ووجدت بعض الكنوز كالمخطوطات النادرة لسيناريوهات مسرحية قديمة، بخط الكاتب المسرحي بديع خيري والفنان نجيب الريحاني، كما وجدت صوراً نادرة للفنانين العظماء نجيب الريحاني وفؤاد المهندس وشويكار وماري منيب وإبراهيم سعفان وعادل خيري وغيرهم، أيضاً استعنت بطلبة الفنون الجميلة، لعمل مجموعة من المجسمات للفنانين عبد الفتاح القصري وفؤاد المهندس ونجيب الريحاني وعبد المنعم مدبولي وآخرين، وقمنا بتجديد المقاعد بالكامل وفرشت المسرح بالسجاد الأحمر، وشارك في تجديد المسرح جميع أعضاء فريق «مسرح الريحاني» (40 فناناً وفنانة) حيث أمسك كل منهم للمرة الأولى بالفرشاة ودهنوا الحيطان، كي يشعروا بجمال التجربة.

• هل «مسرح الريحاني» سيمهد لاندثار «مسرح مصر»؟
هذا الحديث يحزنني كثيراً، ولا صحة لإيقاف «مسرح مصر»، فعلاقتي بهم وبجميع الفريق جيدة للغاية فهم مثل أبنائي، ولقد قدم فريق «مسرح الريحاني» عرضاً خاصاً خصيصاً لفريق «مسرح مصر» وحضروا بالكامل لمشاهدة العرض، وتربط الفرقتين علاقة جيدة، خاصة أن تجربة «مسرح الريحاني» تختلف تماماً عن «مسرح مصر»، لذا لن يحل أحد مكان الآخر.

وجه الاختلاف
• ما أوجه الاختلاف بين المسرحين؟
لا يوجد أي تشابه بين الفرقتين، فـ«مسرح مصر» يعتمد بنسبة 80 % على الخروج عن النص، وارتجال الفنان ومسموح لهم ذلك. أمّا «مسرح الريحاني» فلا يسمح بالخروج عن النص أو الارتجال، ومسموح فقط للفنان أثناء البروفات اقتراح جملة جديدة إن لم نرها تؤثر في العمل، لكن خلال العرض هذا ممنوع تماماً كما غير مسموح الخطأ على الإطلاق.

• هل جاء منعك لفريق «مسرح الريحاني» الخروج عن النص، رداً على مهاجميك الذين وصفوا تجربة «مسرح مصر» بأنها ليست لها علاقة بالمسرح؟
ليس لديّ مانع من الخروج عن النص طالما أن هذا يخدم العرض، لكن في «مسرح الريحاني» أي خروج عن النص لا يمكن أن أسمح به لأن طبيعة النص المسرحي لا تسمح بذلك، أما عن فكرة الرد على من قالوا إن «مسرح مصر» ليست له علاقة بالمسرح، فأنا لا يمكن أن أقيّم مشروعاً وأنفق عليه أموالاً كثيرة حتى أرد على من يهاجمني، وإن فعلت ذلك سأكون مجنوناً.

• هل يمكن في المستقبل دمج فرقتي المسرحين؟
«مسرح مصر» محدد بعدد من الفنانين، ولا يستطيع أكبر فنان في مصر أن يندمج معهم، فقد قدموا معاً أكثر من 100 مسرحية، ويفهم كل منهم الآخر من نظرة العين، كما أن التجربتين مختلفتان.

• لماذا وضعت مسمى تدريب وإخراج بجوار اسمك في مسرحية «جريمة في المعادي» لفرقة «مسرح الريحاني»؟
لأن المسرحية كانت تحتاج إلى تدريب من نوع خاص، والتدريب الذي أجريته مع الفريق ليس على التمثيل لكنه على الأخطاء، فكما ذكرت أن العرض عبارة عن مجموعة من الأخطاء، وهو عرض فريد من نوعه لم يقدم من قبل، وكل خطأ يحتاج إلى تدريب حتى لا تحدث أي إصابات. أيضاً الجديد الذي يتم تقديمه للمرة الأولى أن كل من يقف خلف خشبة المسرح، هم فنانون أيضاً يشاركون في العرض ودورهم لا يقل أهمية عن الموجودين على خشبة المسرح، وقمت أيضاً بتدريبهم.

زكي يدعم الريحاني
• عارض نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي تجربة «مسرح مصر»، فهل عارض «مسرح الريحاني»؟
أشرف زكي يعرف جيداً معنى أن يجدد فنان مسرحاً بالكامل، ويبث له الروح من جديد ويقدم فرقة مسرحية جديدة، والدولة حالياً تحتاج لمزيد من الفرق المسرحية، وعندما وقفت على خشبة مسرح الريحاني، منذ 30 عاماً كانت هناك 26 فرقة مسرحية منافسة في القطاع الخاص، وبالنسبة لأشرف زكي هو يدعم «مسرح الريحاني» بشكل كبير.

• أيضاً «الزعيم» عادل إمام انتقد «مسرح مصر»؟
انتقاد عادل إمام للتجربة يعود لغيرته على المسرح، وليس لغيرته من التجربة، خاصة أنه فنان كبير ومحترم.

• كذلك انتقدكم الفنان يوسف شعبان، وقال إن ما تقدمونه لا يعد مسرحاً، ولا فناً يعرض للجمهور؟
تعودت على قبول الرأي والرأي الآخر، ويوسف شعبان فنان كبير أقدره تماماً وأحترم رأيه، وكما قلت من ينتقد تجربتي هو يفعل ذلك لحرصه على الفن والمسرح، وهذا منطق انتقاد أو هجوم يوسف شعبان في حديثه عن «مسرح مصر»، ويكفيني شرف المحاولة.

ارتباطات في السعودية
يرجع أشرف عبد الباقي ابتعاده مؤخراً عن السينما والدراما، إلى عدم وجود وقت كافٍ، موضحاً: «كل تركيزي هذه الفترة منصب على المسرح. أيضاً لديّ ارتباطات فنية عدة في السعودية، حيث أشارك في فعاليات (معرض الزمن الجميل) الذي يضم نخبة من الفنانين لعرض أجمل الفنون التقليدية والتراث. وبدأت هذا الشهر على أحد مسارح مدينة جدة، عروض مسرحية «كلها غلط» المأخوذة عن رواية كوميدية إنجليزية حصلت على حقوقها الأدبية، وهي بطولة مجموعة من الشباب ومن إخراجي.