تستحق جزيرة قبرص، ثالثة كبرى الجزر في البحر المتوسط، أن تضعوها في قائمة الأماكن السياحية التي تنوون زيارتها هذا الصيف. إذ تزخر بعبق من التاريخ والحضارة المتنوعة، بدءاً باسمها الذي اكتسبته من الكلمة الإغريقية «كبرس» أي النحاس وهو المعدن الذي اشتهرت به، وصولاً إلى طقسها المتوسطي الذي يجعلها مدينة تستحق الزيارة طيلة العام، كما أن شعبها يتميز بحسن الضيافة والوجه البشوش ويتقن ثلاث لغات، هي اليونانية والتركية والإنجليزية. وجزيرة قبرص، قُسمت عام 1974 إلى جزأين، الأول ذو أغلبية سكانية يونانية (في الوسط والجنوب)، والثاني ذو أغلبية تركية (في الشمال).

على مقربة من المطار الرئيسي لمدينة لارنكا، توجد البحيرة المالحة التي تعد موطناً لحوالي 80 نوعاً من الطيور المهاجرة وأشهرها الفلامنجو الوردي، الذي ينتشر على امتداد البحيرة، إذ يتعانق اللون الوردي مع لون البحيرة الزرقاء في مشهد بديع يتكرر في شهري فبراير وإبريل من كل عام، ويتربع على شاطئ البحيرة المالحة أيضاً أحد أهم المزارات، وهو مسجد (أم حرام) أو كما يطلقون عليه مسجد التكية (Hala Sultan Tekkesi)، إذ يُروى أن أم حرام هي زوجة الصحابي عبادة ابن الصامت، التي ماتت متأثرة بجروح إبان الفتح الإسلامي للجزيرة، وقد دفنت في البقعة التي بني عليها المسجد، واكتشف قبر أم حرام عام 1760.

قرية Kalopanayiotis
تكتظ جبال ترودوس الواقعة في منطقة التل في الجنوب الغربي، بالعديد من القرى الجميلة التي تمتلئ بالمنازل التقليدية الحجرية والأزقة المرصوفة بالحصى، فإذا كنتم من محبي الهرب من صخب المدينة وتبحثون عن الاسترخاء، فما عليكم إلا قصد قرية Kalopanayiotis على قمة الجبل، فهناك يمكنكم السير عبر دروب من الطبيعة الخلابة، التي تؤدي إلى Kykkos Water Mill، وهي واحدة من أهم المعالم الأثرية في القرية، وهو نصب تذكاري يعود إلى القرن الـ17 تم تجديده مؤخراً، كما يمكنكم التزلج في جبال ترودوس في الشتاء، وركوب الدراجة الجبلية أو الدراجة رباعية على طول مسارات الغابات. وننصحكم بقضاء وقت مميز في منتجع Casale Panayiotis agrotourism الذي يتربع على قائمة أفضل المنتجعات في القرية من حيث الإطلالة والخدمات المقدمة والأكل التقليدي المميز.

ليماسول
هي ثانية كبرى مدن الجزيرة، بعد العاصمة نيقوسيا، ويطلق عليها اسم (ليميسوس) وهو اسم المدينة باللغة اليونانية قديماً، وتضم معالم بارزة لا تقل روعة عن معالم العاصمة، حيث تقع بين اثنين من المواقع الأثرية الهامة لمملكة أماثوس في الشرق ومملكة كورويون في الغرب فضلاً عن المناطق الريفية فيها والقرى الجبلية الساحرة.
توجد في المدينة القديمة آثار بيزنطية يُرجّح تاريخ وجودها إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، ويُقال إن ليماسول بُنيت على أنقاض أماثوس، فالمنحوتات لا تزال تقبَع شامخة هناك على الرغم من التغيرات الطبيعية والمناخية، ومجموعة أثرية أخرى تعود إلى الفترة الممتدة بين القرنين الرابع والثامن قبل الميلاد، تشهد إقبالاً كبيراً من السياح الذين يتوافدون إليها من كل مكان وخاصة من أوروبا، على الرغم من الشُّح الكبير في المعلومات التاريخية حول المدينة، لكنها تحمل رموزاً وثنيّة قديمة، وأخرى أسطورية قامت عليها حضارات كثيرة، أبرزها الحضارة اليونانية.
ولقضاء ليالٍ لا تنسى، عليكم الحجز بفندق Alasia Hotel الذي توارثته عائلة واحدة، وتناول العشاء الفاخر في مطعم Dionysos Mansion، الذي يقدم المأكولات التقليدية بشكل شهي وجذاب، ولا ننسى أن نذكر هنا الجبن الحلومي فهو من أشهر الأطباق الشعبية في قبرص، ويقدم طبق الحلومي مشوياً أو مقلياً أو بشكل عادي كطبق من المقبلات، الذي يفتح لكم شهيتكم على أشهى الأطباق التقليدية من الأسماك واللحوم.

بافوس
في طريقكم إلى بافوس تستطيعون رؤية الشاطئ الممتد على سواحل المدينة، وقد انعكست أشعة الشمس على صخوره، حيث ستشاهد أحد أبرز المعالم السياحية «مملكة كوريون» التي يعود تاريخها إلى القرن الـ12 قبل الميلاد، إذ تعتبر جزءاً من موقع بافوس والتي أدرجتها منظمة اليونسكو في قائمتها الرسمية للتراث العالمي، تشتهر المملكة القديمة بمسرحها المدرج الذي يعود إلى زمن الرومان ودار يوستوليوس المزينة بمجموعة من الفسيفساء الجميلة، أُسست هذه المدينة في منطقة ذات سحر خاص إذ يتعانق البحر المتوسط مع السهل الأخضر في مشهد خلاب سيأسركم لتلتقطوا أجمل الصور التذكارية فيها.

قرية يفكارا
على بعد 43 كم من لارنكا وعلى سفح جبال ترودوس، تقع قرية يفكارا الجبلية التي تشتهر بصناعة المشغولات اليدوية التقليدية، من الدانتيل وأعمال التطريز والاكسسوارات الفضية، ويمكن التعرف إلى كل أشكال هذه الحرف، من مشاهدة النساء اللواتي توارثن هذه الحرفة عن جداتهن، وهن يحكن القماش خارج بيوتهن، وتقول الأسطورة إن الرسام الشهير ليوناردوا دافينشي زار القرية عام 1841، واشترى منها قماش الدانتيل الذي أهداه لكاتدرائية ميلانو.

صخرة أفروديت
في طريقكم إلى بافوس لا بد من أن تقفوا عند صخرة «أفروديت»، حيث تقول الأسطورة إن موج البحر المتوسط حمل صدفة استقرت عند صخرة على الساحل القبرصي وانفتحت حتى تخرج منها أجمل امرأة في الكون هي أفروديت آلهة الحب والجمال، أو كما يطلق عليها «عشتار» عند البابليين أو «إيزيز» عند الفراعنة، يزور هذه الصخرة عدد من السياح إما أملاً في تخليد ذكرى جميلة على موطن «أفروديت» متفائلين بقضاء العمر مع من يحبون، أو حتى لالتقاط صور لشهر عسل رومانسي مميز، كما تجذبهم المناظر الساحلية الجميلة في فصل الصيف والاستمتاع بتجربة نابضة بالحياة.