الحب عاطفة تسمو بالإنسان، تهذب روحه، تزيده لطفاً ورحمة، يخلط بعض الناس بين قيم الحب ومظاهره، بسبب عدم الوعي، فتجاربهم تفتقد النضج. إن الحب ليس رسائل شوق ملتهبة، ورداً، وهدايا، كلاماً معسولاً، لهفة مجنونة فحسب. هذا كلّه يزداد في ثورة العشق وغليانه، في أوج المشاعر واندفاعها، لكنها تخف لتبقى حباً هادئاً.
هي.. كانت قد أدمنت روايات الحب الرومانسية، غارقة في عوالمها، ثم رفعت رأسها تبحث عن فارس الأحلام، الذي رسمت شخصيته من كل الروايات التي قرأتها. هو.. كان يبحث عن فتاة أحلامه فيها ملامح وصفات نجمات السينما وشيء من والدته.
بعد ليالي العشق والسهر، التي رسما فيها عالماً وردياً مثالياً، سيتوجان الحب بالزواج. جاءت ليلة الزفاف، كان عرساً أسطورياً في أفخم فندق، تلألأت الأنوار، فاح العطر والبخور. قلوب الحاضرين متلهفة لرؤية العروس، التي تهادت على المنصة بطرحة عرس غالية مطرزة بالخرز، على صوت أشهر المطربين، عانقت أحلامها في تلك اللحظة. هي بذلت كل جهدها لترسم هذه الليلة كأحلى ما يكون، هو دفع كل ما ادخره. عرس أسطوري فاق كل التوقعات. ثم كان الخلاف والطلاق، في أقل من شهرين، ليصبح حديثاً جاهزاً لتداول الإشاعات عن أسبابه، ظروفه، وحكايته.
أين الخطأ في كل ما حدث؟
كانت تسأل وهي تغالب دموعها وقلبها المكسور، حزن أهلها وأقاربها وصديقاتها على ما حدث. لم تكن وحيدة، هناك غيرها، هناك حالات طلاق، تمت في الأشهر الأولى للزواج. هل استعدت للزواج وترتيباته ونسيت أن تستعد له نفسياً واجتماعياً؟ الحب أساسه اللطف والرحمة والصبر، لا تُهدم البيوت لأن الزوج قال كلمة جرح بها مشاعر زوجته، أو أن الزوجة أساءت التصرف في موقف ما. الحب ليترسخ يحتاج فيه التعايش إلى الصبر على اختلاف الطبائع والشخصيات والعادات، التكيف والتعود يأخذ فترة تمتد إلى سنتين على الأقل أو أكثر. المشاكل تحتاج إلى حوار وتفاهم، اعتذار من أخطأ، وعفو الطرف الآخر؛ ليستمر الحب لا بد من تنازلات. السنوات الأولى في الزواج هي الأصعب، لأن التعارف الحقيقي يأتي من خلال الحياة المشتركة. فالمحبان يرسم كل منهما صورة للآخر، كما يتخيله لا كما هو فعلاً.