هي ليست معجزة ولا مسألة مستحيلة، لكنها صعبة وتحتاج إلى الكثير من الجهد أو جهاد النفس بالأحرى، تنوي أن تمضي يوماً أو أياماً بعيداً عن التوتر، لأن الطبيب نصحك بأن تخفف منه، إن أردت أن ترتاح من الأعراض التي تشعر بها، والتي تجعلك كل مرة تجري فحوصاً طبية مختلفة، بعدها يقال لك إنه لا علة لديك، وإنك سليم %100. تستيقظ يوم إجازة، وكلك عزيمة ورغبة بل نيتك مبيتة، «أنا اليوم لا أريد أن أتوتر».
يتصل بك أحد الأصدقاء لدعوتك لتناول الغداء، من دون تفكير، ترحب بالدعوة، ولا تسأل نفسك هل تريد حقاً الجلوس معه ساعة أو ساعتين؟ هل سيساعدك على التخلص من مزاجك غير المرتاح؟ والسؤال الأهم هل أنت فعلاً في حاجة للقاء أحد اليوم أم لا؟ ثم تعود من اللقاء مهموماً من كثرة الشكوى، أو من استغابة الآخرين، أو من ندب الحظ العاثر، أو من عدم إنصاف الحياة أو أو أو... تقرر بعد هذا اللقاء أنك لا تريد التوتر لباقي اليوم، يأتيك اتصال يخبرك بأن عزيزاً عليك تعرض لحادث بسيط، طبعاً تشعر بالقلق، ثم يأتيك اتصال آخر من صديقة تخبرك أن زوجها قرر فجأة أن يتزوج عليها. لا تدري لحظتها نوع النصيحة التي يمكن أن توجهها إليها. بعد ذلك تقرر الخروج من البيت للجلوس على شاطئ البحر، وأنت في طريقك ولأن ذهنك مشغول بما سمعته، تنسى أن «راداراً» على الطريق ولا تعرف أنك تعرضت لمخالفة إلا بعد أن تجلس على الشاطئ متصفحاً هاتفك الخلوي. تقول بينك وبين نفسك، بسيطة، لا أريد لموضوع سخيف كهذا أن يوترني. تتصفح الـ«سوشيال ميديا» وبحكم اهتماماتك تتصفح مقالات وآراء سياسية متعددة، يصدمك أن ما كنت ترى أنها وجهات نظر شعبوية كانت مرفوضة بالنسبة إليك، وتبحث عن طريقة لتجنبها أصبحت تنسحب وبشكل ملحوظ على النخبة ممن كنت ترى فيهم وفي أفكارهم أملاً في التغيير نحو الأفضل.. وتتابع.. هذا يشتم هذا، وهذا يخوّن ويلعن ذاك. وبشكل لا شعوري ترتفع درجة حرارتك فتعتقد أنك تعرضت لضربة شمس، صديقك طبيب تطلب مساعدته يأتي للاطمئنان عليك فيقول ليست ضربة شمس، إنما توتر.