ترايسي مسعود، مدونة لبنانية وناشطة اجتماعية، تعمل في مجال تطوير الأعمال في شركة محلية، تعشق السفر والرسم، وكأي فتاة شابة تحلم بمستقبل مشرق يملؤه الحب والسلام. تعاني منذ طفولتها مرض الذئبة، هو مرض مناعي ذاتي يهاجم فيه جهاز المناعة الخلايا والأنسجة السليمة في الجسم. لكن ترايسي لم تسمح له بأن يكون عقبة في حياتها، بل تتحداه بمثابرة تتجاوز بها كل العقبات، وبنفسية إيجابية وابتسامة لامعة، معلنة: «هذا المرض نعمة لأنه جعلني أقدر قيمة تفاصيل الحياة».

• فقدت شعرك في عمر مبكر جداً، فكيف أثر ذلك فيك نفسياً وجسدياً؟
كان أمراً صعباً والسنتان الأوليان كانتا الأصعب على الإطلاق، خاصة أنني كنت في الـ11 من عمري وكان شعري يتساقط بالتدريج. تجنبت المرايا لبضع سنوات، ورفضت فكرة ارتداء الباروكة تماماً. فكنت أقول إذا كان عليّ ارتداء باروكة فلن أخرج من البيت أبداً. ولكني كنت طفلة مثابرة ومحاطة بعائلتي وأصدقائي الذين يحبونني، وهذا ما ساعدني على الانتصار على خوفي، وتحمل التغيرات التي كنت أمر بها. جسدياً، كانت العلاجات التي خضعت لها مزعجة جداً، وكان بعضها خاطئاً، إذ إن أعراض المرض محيرة وهي التحسس من الشمس، آلام المفاصل، مشاكل في الدورة الدموية وتساقط الشعر. فلم نكتشف أنني أعاني مرضاً متعلقاً بالمناعة إلا بعد ثماني سنوات من المعاناة، تم تشخيص حالتي بأنها «مرض الذئبة»، وكنت حينها بلغت الـ23 من عمري.

تفاعل
•  كيف تفاعل الأشخاص من حولك مع شكلك المتغير؟ وهل أثر مظهرك في علاقاتك الشخصية؟
لديّ الكثير من الأصدقاء الأوفياء الذين يحبونني بصدق، حتى في المدرسة كانت المواقف السلبية محدودة جداً، وكنت دائماً أمتلك الشجاعة لمواجهة الموقف ومشاركة أقربائي بالأحداث. والداي من أكثر الداعمين لي ويشجعانني على تقبل نفسي وأن أحب نفسي كما أنا. ولكن ليس من السهل تقبل الذات، عندما يحمل المرء حملاً كبيراً في مجتمع يحكم على الأشخاص من أشكالهم. كنت أبكي في كل مرة أضطر إلى تغيير باروكتي، فلم يكن من السهل تقبل (الشخص الجديد) وكنت أشعر بأنه ليس أنا. قررت أن أخلع الباروكة وقتما أدركت أنني أكبر بكثير من مظهري الخارجي. تحررت من جميع القيود ولم تهمني ردود أفعال الناس، وشعرت بأن عدم ارتداء الباروكة، في حد ذاته، يساعدني على نشر التوعية مما سيسهم في تطوير المجتمع. اليوم إذا شاهدني أحد بلا شعر وحدق فيّ، قد لا يطيل نظرته في المرات المقبلة، عندما يرى امرأة أخرى قد تعاني السرطان.

• ما الذي دفعك إلى تأسيس «الجمعية اللبنانية لمرض الذئبة»؟
أطلقت مدونتي منذ عام، بهدف نشر التوعية وإثارة التغيير في المجتمع بقدر الإمكان. ولكن كنت أخشى أن يتجه التركيز كله إليّ، لذلك قمت بتنظيم جلسة لدعم المصابين بـ«الذئبة»، حيث انضم إليّ ستة أشخاص يحاربون المرض أيضاً. وفضلت أن يقود الحديث طبيب متخصص في الطب الباطني وأمراض المناعة الذاتية، وفي الوقت نفسه قررت أن أؤسس «الجمعية اللبنانية لمرض الذئبة» لنشر التوعية بشكل رسمي، وبهدف بناء مجتمع وتأسيس منبر، يسمح للمصابين بهذا المرض، بمشاركة بعضهم البعض تجاربهم الشخصية.

تجربة جديدة
• كيف دخلت مجال عرض الأزياء؟
المفتاح كان (أنني صلعاء ولديّ قصة أحكيها). فرؤية فتاة بلا شعر شيء غير شائع في مجتمعنا، لذا أصبحت شركات كثيرة وماركات محلية وعالمية تروج لفكرة حب الذات وتشجع التنوع وتقبل اختلاف الأشكال. كانت أول تجربة لي في عرض الأزياء مع المصممة اللبنانية دانا ملاعب وهي شخصية جميلة من الداخل والخارج، أرادت أن تبث رسالة من عرض مجموعة تصاميمها، رسالة تقبل وجرأة وقوة وكانت مصدر الإلهام هي (جان دارك) التي كانت محاربة ومجاهدة.

• تختار نساء  كثيرات ممن يعانين تساقط الشعر ارتداء الباروكة. لماذا اخترت عدم ارتدائها؟
لست ضد البواريك، ولكني أفضل عدم ارتدائها، لأنني عندما أرتديها أشعر بأن هناك شيئاً مفقوداً في شخصيتي، فمن دونها أشعر بالحرية ولا شيء يتغلب عليّ. لم أجبر أحداً على فعل ما أفعله أنا، فقط أنصحهم بتقبل أنفسهم كما هم. حتى إذا اختاروا ارتداء الباروكة، فعليهم الشعور بأنه أمر طبيعي وليس شيئاً غريباً أو محظوراً. وأحياناً أنشر صوراً لي على «انستجرام» بالباروكة لكسر المعتقدات التقليدية. إن الباروكة كالاكسسوار، بعض الناس يرتدون النظارات وبعض الناس يرتدون البواريك!

التوعية والتعليم
• ما التحديات التي واجهتها بسبب حالتك؟
واجهت تحدي تقبل نفسي في سن مبكرة. كما أنني كنت غير قادرة على ممارسة الرياضة وامتنعت عن السباحة بسبب مرضي. عانيت عدم قدرتي على التعرض للشمس لأكثر من خمس سنوات. أحياناً من الصعب شرح «مرض الذئبة» للناس، قد يبدو الشخص طبيعياً تماماً ولكنه قد يواجه صعوبات في القيام بأبسط الأفعال مثل القيام من السرير. وهنا تقع أهمية التوعية وتعليم الناس أعراض المرض، لتمكينهم من تقديم الدعم لمن يتعايش مع هذه الحالة في صمت.

• ما مصادر إلهامك؟
الناس والتجارب والطبيعة. لم أستهن بأي شيء في حياتي، حتى أبسط النصائح التي قدمت لي. وأحاسب نفسي على تصرفاتي وأفكر في أدق تفاصيل بيئتي وحياتي. فيمكنك إيجاد الإلهام في أصغر التفاصيل. هذا إلى جانب الجزء الفني من شخصيتي، حيث يلعب خيالي دوراً كبيراً في إيجاد الإلهام في كل شيء من حولي.

• هنالك عدد كبير من عارضات الأزياء والشخصيات المؤثرة في وسائل التواصل الاجتماعي بأشكال غير معتادة. هل تعتقدين أن معايير الجمال تغيرت في الشرق الأوسط؟
انتشرت معايير زائفة للجمال بسبب الـ«سوشيال ميديا»، ولكن الآن يتمرد الكثيرون عليها. وأنا سعيدة جداً بأن العالم العربي يتجه نحو التنوع ويحتضن الاختلاف أكثر من أي وقت مضى. وهذا العام شاركت في واحدة من كبرى الحملات لنشر رسالة التقبل في المنطقة.

• 2019 هو عام التسامح في دولة الإمارات. ما معنى التسامح بالنسبة إليك؟
التسامح هو أن تعيشي وأن تتركي الناس يعيشون، هو أن تحبي نفسكِ وتتقبلي أي نقص، حتى تتمكني من حب الآخرين وتقبلهم، وهو أن تري الجمال في كل شيء وكل الناس من حولك.

رموز الجمال
تجد المدونة والناشطة الاجتماعية ترايسي مسعود، في الملكة رانيا وشارليز ثيرون ونعومي كامبل، رموزاً للجمال، فهن: «أجدهن أصيلات وأنيقات وصاحبات شخصيات قوية».

عناية
تؤكد المدونة والناشطة الاجتماعية ترايسي مسعود أنها ليست خبيرة تجميل، لكنها حريصة على العناية ببشرتها، موضحة: «أحاول أن أرطب بشرتي وأحميها دائماً، أعتقد أنه مفتاح كل امرأة للحصول على بشرة شبابية وصحية. وأستخدم كريماً واقياً للشمس، ومرطباً للجسم».