أطلقوا عليها لقب أول رحالة مصرية، على الرغم من أنها لم تكن الأولى التي تسافر بين البلدان للتعرف إلى ثقافات الشعوب المختلفة، إلا أنها الأولى التي تزور الصحراء المصرية القاحلة لاستكشافها، تواجه غياهب الليل والبرودة القارسة، وحرارة الشمس اللافحة نهاراً، تلتقي بالغرباء، فيصيروا أصدقاء ورفاقاً لها في رحلاتها، فأصبحت أينما وضعت قدميها تزرع خيراً، وتصبح أول مرتحلة لنشر الخير في وديان ما وراء الصحراء المصرية.

ريهام أبو بكر فتاة في مقتبل العمر لم تكد تبلغ الـ30، تخرجت في كلية الآداب من جامعة القاهرة، وتحديداً قسم الجغرافيا، وتدرس الماجستير حالياً، ترجع أصولها إلى إحدى القرى الصغيرة بمحافظة الغربية، تركت عملها الروتيني بحسب وصفها، بهيئة الإسكان العمراني الذي شغلت فيه وظيفة مساعد خبير، لإشباع شغفها تجاه الاستكشاف، حسب ما تقول.

شغف الترحال
ربما يرى البعض أن الترحال هواية قبل أن تتحول في الأعوام الأخيرة إلى مهنة، إلا أن ريهام لها رأي آخر في هذا الموضوع فبحسب رؤيتها، فإن للترحال شغفاً لا يمتلكه العديد من الأشخاص، وإن امتلكوه فإنهم يواجهون صعوبات بالغة في تحويله إلى مهنة، لأن الأمر ليس مجرد إعلان وحشد لرحلة، وإنما مهنة منهكة نفسياً وعصبياً وجسدياً، لأن الرحلة إلى الصحارى وفي ظروف صعبة وليست ترفيهيه في ظروف طبيعية.
الظروف المناخية والطبيعية التي يفرضها الترحال على محبيه، خاصة عندما تكون الرحالة أنثى، ربما تكون تحدياً إضافياً، تقول ريهام: «لا أضع في حسباني أثناء الاستعداد لسفري أني أنثى، بل أسعى إلى تحقيق ذاتي وأحلامي، ولهذا أفرض أسلوبي النابع من تلك الفكرة على المحيطين بي، كما أن كوني أنثى ربما تتحول إلى عائق في حال ظلت الفكرة تراودني قبل سفري وتعرضني لبعض المخاطر، ولهذا لا أشغل لها بالاً، أتعامل مع الجميع باحترام وجدية وثقة، وتكون النتائج مثمرة لا فرق بين ذكر وأنثى أتعامل على أني رحالة إنسان فقط».

قاتلت لأجل حلمي
تقول ريهام: «قابلت عائلتي فكرة سفري وترحّلي في بادئ الأمر بالرفض، قاطعتني بعض صديقاتي لعلي أعود عن قراري، إلا أن إصراري كان أقوى، فلم أعد أريد أن أهدر عمري في عمل لا أريده وأحلام لا تناسبني، وأترك مكاني وشغفي بالصحارى القاحلة، قاتلت لأجل حلمي وغضضت الطرف عن كل ما يمكن أن يعوقني». وتضيف ريهام: «مع مرور الوقت ورؤيتهم أن جهدي آتى ثماره من خلال مساعدتي للمحتاجين، أو الإرشاد السياحي البيئي للمهتمين من الفئات العمرية كافة، بدأت أسرتي بتقبل الأمر، أما أساتذتي فهم أكثر من يشجعني الآن على إكمال ترحالاتي، فهم دائمو الانتظار لما أكتبه عن الأماكن التي أزورها، ورؤية الصور التي ألتقطها لهذه الأماكن التي تصعب على عدد كبير منهم زيارتها».

أكثر من 100 رحلة
جابت ريهام مصر من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، من شرقها إلى غربها  في رحلات يفوق عددها الـ100، وتشير إلى أنها بدأت الترحال منذ عام 2006، طافت على الصحراء الشرقية والغربية ومناطق عدة أبرزها الفيوم والغردقة وحلايب وشلاتين والواحات وسيوة وجبال سانت كاترين وجبال علبة، حتى وصلت إلى قرية رأس حدرية المتاخمة للحدود السودانية.