الصديق
دخل شقته الصغيرة التي يسكنها مع زوجته التي وصلت من بلدهما، التي تركها منذ خمس سنوات بعد أن عجز وهو يبحث عن وظيفة تعانق طموحه وقدراته، الجميع يشهد بأنه شخصية مميزة ومبدعة، ولكنه للأسف لم يوفق بالحصول على ما يستحق، جاء إلى هنا بعد محاولات لأحد أصدقائه المقربين والذي استطاع إقناعه أخيراً بزيارة قصيرة لبعض الوقت، حيث عاش معه طوال تلك السنوات، وعمل معه في مشروعه الصغير وكبر مع الوقت، تعمقت بينهما الأخوَّة والصداقة الجميلة والصادقة حتى قرر الزواج. بدأ حياة جديدة ومسؤوليات إضافية، يختلف أحياناً مع زوجته؛ لأنها تعتبره مغامراً كأنه على يقين بأنه سيحصل على كل ما يريد وأن الحياة ستنصفه، وهو مقتنع بأن الشخص لا يعرف إلى أين ستأخذه المغامرة؛ لأنه لو عرف فلن يغامر. هكذا يفكر، يجب التوقف عن انتظار الضمان، وكان يردد دائماً أنه من خلال مغامراته والصفقات التي أجراها هو وصديقه إذا لم يعثرا على ما يريدان، فهما بالتأكيد اكتشفا الكثير عن نفسيهما وتعلما الكثير من خيبات الأمل والإحباطات والتي هي جزء من تلك الرحلة.

الموت
بيده المرتجفة يتمسك بجهاز التحكم ويتنقل بين المحطات التلفزيونية باحثاً عن قناة تحدثه بلغته الأم، وأمامه طاولة مبعثرة ترك عليها أكواباً تحتوي على بقايا شاي وقهوة، وعلبة دواء، ودفتر رسائل، ورسالة قديمة يبدو أنه قرأها مئات المرات، وقلماً بلا غطاء، وزجاجة ماء، يجلس متثاقلاً على أريكة مريحة جداً، ولكنه يشعر بأنه يجلس على رمال البحر عند الظهيرة، جاء لزيارته أحد أصدقائه الذي احتواه بعد اكتشاف إصابته باضطراب ما بعد الصدمة، إثر وفاة أخيه بحادث سيارة كان يقودها هو، مما أثر فيه وفي عمله صيدلانياً. أصبح أفضل، ولكنه لا يزال يشعر بالضغوط ولا يزال يشعر بالذنب؛ لأنه السبب في جلب أخيه ليكون بقربه، خاصة بعد تسلمه رسالة أخته تتوسل فيها إليه أن يترك أخاها حتى لا تبقى هي ووالداها من دونهما، ويكفي غيابه، ولكن... ليتني لم ألح.. ليتني لم....، ولكن صديقه يذكره دائماً بالقدر والمكتوب، وعليه أن يتعامل مع ذلك من خلال التواصل مع ذاته وقد تساعدك اليقظة على ذلك، تخلى عن التفكير في احتياجات الآخرين، تقبل نفسك وببساطة تقبل إخفاقاتك وقدِّر مشاعر أختك من دون اللجوء لجلد ذاتك، فهي لا شك تتألم من فقد أخيك، ولكن لا تريدك أن تتألم. تحرر من «التوقع» وانظر إلى الأمور بضوء جديد بدلاً من الاستجابة لأنماط الأفكار المحبطة. لا تتعلق بالماضي الحزين ثق بنفسك وأظهر الرحمة لك ولعائلتك، فأنتم تستحقون الحب.
ونحن ألا نتوقف عن الحكم على الآخرين؟ ألا نستطيع أن نعطيهم مساحة للتقبل وأجواء من التعاطف وشيئاً من الدعم، حتى نقدر ونحترم ونعيش بحب؟

استشارة
* بلغت من العمر 23 عاماً، وللأسف فشلت في دراستي الجامعية. عندما أقارن نفسي بجميع أصدقائي الذين تخرجوا مؤخراً ويعملون الآن في وظائف رائعة، لا يسعني إلا أن أشعر بالفشل. لقد أمضيت ثلاث سنوات من حياتي للحصول على شهادة، لكن ليس لدي ما أبرره. الرجاء مساعدتي.. ما الذي يمكنني فعله فيجعلني أشعر بأن حياتي عادت إلى مسارها الصحيح؟
- لا تربط التعليم بالوظيفة، ولا تربط الوظيفة بالنجاح والفشل، ولا تركز على كلمة الفشل في شخصك، تلك مرحلة مضت، وعليك الآن التفكير بطريقة مختلفة حتى تستطيع تجاوز ذلك الشعور بخيبة الأمل والسلبية. لذا ابتعد عن المقارنة بينك وبين أصدقائك، وابدأ بوضع خطة للبحث عن عمل أو الدخول في برامج أو دورات تدريبية، وانظر حولك إلى أشخاص نجحوا وتميزوا وهم لا يحملون الشهادات الجامعية، وهذا لا يعتبر تشجيعاً على عدم الدراسة، بل قد تحول الظروف أحياناً دون استكمال الدراسة. ولكن، هناك أبواب مشرعة دائماً للنجاح والتميز.