درست صفاء الحوراني اللغة الإنجليزية، لكنها أحبت الأرض الفلسطينية وخيراتها، فحولت حليب الماعز والرماد إلى صابون وكريمات علاجية للبشرة.. ابتدأت صفاء من فكرة صغيرة أصلها خامات الأرض وأعشابها، استفادت من البيئة الفلسطينية التي تتميز بالكثير من الخيرات والنعم، فكان بيتها الصغير المتواضع هو مختبر تجاربها الذي نجحت فيه بصناعة مواد تجميل خالية من المواد الحافظة أو الكيميائية باستخدام حليب الماعز والرماد وزيت الزيتون وأعشاب أخرى شفت الكثير من المرضى.

موارد الطبيعة
تبدو صفاء سعيدة كلما رأت الابتسامة والرضا على وجوه الكثيرات ممن شفين بعد أن عشن أياماً صعبة في البحث عن حلول لمشكلاتهن الصحية. وتقول : «علينا اللجوء إلى الأشياء الموجودة في طبيعتنا لأن فيها سر النجاح، فأنا أؤمن بمقولة دواء الناس من أرضهم، وعلى هذه القاعدة بدأت بإنتاج صابون حليب الماعز دون إضافات كيميائية، ثم بدأت بإنتاج ما يقارب 55 نوعاً من الصابون، عبر إضافة خلاصات طبيعية ما بين زيوت وأعشاب من بيئتي الفلسطينية، ثم إنتاج كريمات الترطيب للوجه والجسم، والكريمات العلاجية، بعضها لعلاج تشققات القدمين وآلام الركبة والظهر والتشنجات التي تحدث عند كبار السن، ومستحضرات للشعر والبشرة والجسم، وزيوت ومواد تنظيف، ومواد غذائية».

حليب الماعز
تصف صفاء رحلتها للبحث عن المواد الطبيعية بالقول: «بعد تخرجي في الجامعة بأربع سنوات، شاهدت حوامل أو مقبلات على الحمل عندهن مشاكل في البشرة، وكانت التجربة الأولى لصديقتي التي تعاني حب الشباب، فتوجهت برفقتي إلى الطبيب ودفعت ما يقارب 200 دولار، مقابل علاج يسبب تشوهات للأجنة، فنصحها الصيدلاني بعدم تناول الدواء لأنه ممنوع على المتزوجات». وتضيف: «كانت لدي فكرة بأن حليب الماعز غني جداً بالمضادات الحيوية الطبيعية، وقد قرأت عنه الكثير لأنني عرفت أن كليوباترا كانت تستحم به، وكانت دائمة الشباب والجمال، وبدأت أبحث عن طريقة لحفظه باستخدام مواد طبيعية، وبدأت أطبق الأفكار التي راودتني، فكان من بينها الصابون، وأصبحت أدرس عن هيدروكسيد الصوديوم».

خلطات
استخدمت صفاء حليب الماعز والرماد، بدلاً من هيدروكسيد الصوديوم في أول تجربة، وبالرغم من نجاحها إلا أن الصابون كان ليناً بعض الشيء لعدم كفاءة الرماد المثالية، فلجأت إلى دراسة هيدروكسيد الصوديوم ليتبين لها أنه يتحول بعد عملية التصبن إلى ملح ولا يتسبب بأضرار.
أصبحت صفاء تدخل نخالة القمح والروزماري واللافندر في صناعة الصابون، وتقول: «كل خلطة كنت أدرس فوائدها، فمثلاً اللافندر يخفف حروق الشمس، والروزماري والزعتر يطهران البشرة، كذلك أنتجت صابوناً للأطفال حديثي الولادة».

براءة اختراع
تمكنت صفاء من تسجيل منتجاتها من صابون حليب اللبا والرماد وحصلت على براءة اختراع من وزارة الاقتصاد الفلسطينية، وتقول: «أنتج صابون حليب اللبا من ثلاث أشجار فلسطينية مهمشة لا يلتفت إليها أحد، هي السريس والبطم والزعرور، فآخذ الحطب والأورق وأحرقها وأستخرج الرماد لإضافته إلى حليب اللبا، لأن هذا الرماد مفيد لحالات كثيرة للبشرة، مثل تقرحات البشرة والجرب، ولتكثيف الشعر».

بيئة فلسطينية
كان لنشأة صفاء الحوراني دور في اهتمامها بمنتجات الطبيعة، وتقول: «ولدت في مدينة الكويت وعشت فيها 13 عاماً، وكانت فلسطين عندي مقدسة بكل ما فيها، الورق والشجر والورد، فكنت أحتفظ بأي شيء أجلبه من نباتاتها وأجففه، لأني أعتقد أن كل شيء لم يخلق عبثاً، وأتفقد كل عشبة وأسأل الكبار في السن ماذا يصنعون منها، كنت أجمع المعلومات بطريقة تقليدية وبسيطة لدرجة أنني عندما كبرت وأصبحت في الجامعة كنت أدرس عن التجارب التي عملها الناس على يوتيوب، وأدوِّن الشيء الصحيح الذي نجح معي وأترك الشيء الفاشل. في البداية كان الناس أحياناً يعيبون أشكال المنتجات لعدم وجود قوالب، كان الأمر بدائياً، أما الآن فأضع الصابون في علب غالية الثمن، كذلك كنت أعمل في بيت مستأجر وضعه سيئ، كان عبارة عن غرفتين ومطبخ وحمام، كذلك اشتغلت في جزء صغير من مطبخ البيت مع وجود أطفالي الذين كانوا صغاراً، وكان زوجي يدعمني مع القليل من الشك في نجاحي».