اختارت إحدى المؤسسات التعليمية في هولندا، والمعروفة بمنظمة البكالوريا الدولية، مسرحية الكاتب السعودي ياسر مدخلي، ضمن مناهج برنامج دبلوم دراسات اللغة والأدب، وقد جاء هذا الإنجاز بعد فترة ليست بالطويلة، من اعتماد أحد نصوص المؤلف نفسه للدراسة في إحدى جامعات جنوب سريلانكا.
الجدير بالذكر أن المؤلف المسرحي السعودي ياسر مدخلي، قد أطلق مبادرة لتدريب وتعليم الهواة والراغبين في مهنة التأليف المسرحي تحت عنوان «كيف للتأليف»، وخصص عدد 10 مواهب سيقدم لهم 60 ساعة في 20 لقاء، وأعلن ذلك بعد فوزه مؤخراً بـ«جائزة الشارقة للتأليف المسرحي». أحبتي قراء «زهرة الخليج» مما تقدم ما الذي نستنتجه؟ نستنتج أن السعودية مقبلة على طفرة مسرحية ستنعكس نتائجها على دول مجلس التعاون الخليجي قاطبة، ففي الوقت الذي تسابق فيه وزارة الثقافة السعودية الزمن، بغية الانتهاء من إعداد وتجهيز البنية التحتية لعملها، فإن المؤشرات تفيد بوجود معطيات ضخمة وكبيرة وثرية للغاية على صعيد القطاع البشري. مواهب ومخضرمون وراغبون وذوو الميول فقط، ينتظرون الفصول الدراسية المخصصة لفن المسرح، وبالنظر إلى تلك الإسهامات الملموسة للمسرحيين السعوديين، وخاصة ورشة الطائف المسرحية التي أسست لها منهجاً مسرحياً على مدى زمني طويل، بقيادة عراب المسرح السعودي فهد ردة الحارثي، وكذلك فرقتا المسرح بجمعيتي الأحساء والدمام للفنون، وهما الأبرزان في هذا النشاط إلى جانب بعض الفرق المسرحية ذات الحضور المقبول، سيشكلون نواة حقيقية لنهضة مسرحية سعودية شاملة، تضم  أطياف المشتغلين بالمسرح وفنونه وشجونه كافة، وصهرهم تحت مظلة الفرقة الوطنية للمسرح التي يرأسها المسرحي السعودي المخضرم عبد العزيز السماعيل، وبهذا الاستهلال المسرحي الشيق ومؤشراته الإيجابية، انطلاقاً من تلك النجاحات للمؤلف والمخرج ياسر مدخلي وحصول مؤلفاته على اهتمامات قطاعات التعليم الدولية وتبنيها ضمن مناهجها، والبعض الآخر أخضع مؤلفات الكاتب للدراسة والنقاش.
ووفقاً لكل هذه المعطيات التي تمثل نماذج لمساحة واسعة من العطاء لفن المسرح السعودي، فإن قطاع المسرح في وزارة الثقافة السعودية معني تماماً، بكيفية استثمار هذا المحتوى الثري، وتلك المعطيات التي من شأنها ضخ الدم في شرايين المسرح السعودي المضطهد، لولا ورشة الطائف المسرحية التي تفردت منذ زمن بآلية عمل جعلتها قادرة على العمل والإنتاج والمشاركة، وهو ما خوّلها لتكون سفيرة لنا في المناشط المسرحية الدولية باستمرار، وعضواً بارزاً في فعاليات الهيئة العربية للمسرح التي تقيم عروضها وبرامجها المسرحية على مدار العام، وفي تصوري الشخصي كمتابع وراصد للنشاط الفني السعودي، فإن المتطلبات الرئيسية لإنشاء فورة مسرحية تلتحم بكل ما قدم من قبل، متوافرة بشكل يفوق الخيال، ولما لفن المسرح من ولع في نفوس عشاقه، فإن مجرد الإعلان عن انطلاق المعاهد الدراسية بطواقمها لتدريس المسرح وفنونه وتقنياته ومكوناته الحقيقية، سيتم الاندفاع نحو الالتحاق بهذه المعاهد، في الوقت الذي نتطلع فيه إلى وجود دور للعروض المسرحية، لاستيعاب هذه الطفرة والفورة وتعويض سنوات الغياب، بعرض الأعمال المسرحية السعودية التي كانت تقدم في الخارج ولم يشاهدها الجمهور السعودي في الداخل، وتحفيز وتحريض الكتاب للشروع بالإعداد لنصوص مسرحية جديدة، وبرمجتها تحضيراً لبدء بروفات الطاولة وعلى خشبة المسرح، كي تجري الحياة مجدداً في حياة «أبو الفنون» السعودي، الذي نسمع به خارجياً أكثر مما نراه في الداخل السعودي. ولعل الفرقة الوطنية للمسرح بما تقوم به الآن من تحضيرات لإعلان برامج نشاطها، تستحضر حالة الوعي التي يتمتع بها المواطن السعودي، خاصة في ما يتعلق بالفنون، وأن تكون مبادرات الفرقة الوطنية للمسرح لإطلاق فعاليتها في القريب العاجل، مستوفية وملبية لتطلعات المسرحيين السعوديين، وتحسن استثمار وتوظيف المقدرات المتاحة لتحقيق ما نصبو إليه جميعاً.