غريب أسلوب الحياة المعاصر بكل ما فيه، للوهلة الأولى نجد أيامنا في قمة السهولة والراحة بسبب توفير الوقت والجهد الذي تتيحه التقنيات، لكننا إن دققنا سنجد أنفسنا كلما أتقنا السباحة في العالم الرقمي نعود ونوشك أن نغرق في بحر الزمن الذي تحتله القنوات الرقمية من أيامنا.
حدّثتكم سابقاً عن معادلات لضبط علاقاتنا الرقمية مع محيطنا المهني والاجتماعي، ولكنني في إجازة نهاية الأسبوع الأخيرة لاحظت أمراً لم أعطِه الاهتمام اللازم سابقاً. وهو أن وفرة قنوات التواصل والتقنيات في أيامنا هذه، قادرة على أن تجعل أيام الأسبوع حلقة لا تنتهي من الاتصال، بل أكثر من ذلك شعرت كأن عطلة نهاية الأسبوع يومي الجمعة والسبت تُصبح أحياناً أحداً أو اثنين بمسمى آخر!
وهذا جعلني أتذكّر ما سمعناه مؤخراً عن قرار منظمة الصحة العالمية إضافة (إرهاق العمل) ضمن قائمة التصنيف الدولي للأمراض، قد لا نكون وصلنا إلى درجة إرهاق الـ«سوشيال ميديا» والعالم الرقمي بعد لكننا أصبحنا نعاني ذلك في كثير من الأحيان، ومازلنا نحاول تجاهله. ولست هنا لأقلل من أهمية الأدوات الرقمية بل عكس ذلك، لأشارككم حقيقة أنها ستزداد أهمية خلال المستقبل وستكون كالماء والطاقة لا بديل عنها. لذا لا بد من أن نراقب كأفراد ومؤسسات هذا التداخل بين أثر التقنية في إيجاد الراحة وبين أثرها في ما اخترت أن أُسميه «الإرهاق الرقمي».
لم يعد ممكناً الفصل بين الحياة الخاصة والعملية بخط واضح لأن البعدين جزء من حياتنا وتكويننا، وهذا في رأيي بداية المشكلة والحل، لأن هذا التداخل يعمق أثر التقنية في مساحتنا التي نتنفّس فيها. ولن أعرض معادلتي هنا لمواجهة ذلك كالعادة، ولكن آمل أن تتفقوا معي على أن تطور الحياة السريع يتطلب منا مراجعة استراتيجيتنا تجاه ما يسبب ازدحام أيامنا ويصادر ما تبقى منها.
هل وصلتم إلى «الإرهاق الرقمي» وهل تعتقدون أنه موجود اليوم، أم تمتلكون معادلة قابلة للتطوير يمكن أن نناقشها بعد سطور رمستي؟