من القصص التي تروى عند العرب، أن أحد الحكام استدعى الشعراء يوماً، فصادفهم شاعر فقير بيده جرّة فارغة كان ذاهباً إلى البحر ليملأها ماء، فرافقهم إلى أن وصلوا إلى دار الأمير، فبالغ في إكرامهم والإنعام عليهم، ولما رأى الرجل بينهم والجرّة على كتفه، رث الثياب، قال له: من أنت؟ وما حاجتك؟
فأنشد الرجل:
              ولما رأيتُ القومَ شدوا رحالهم                      إلى بحرك الطامي أتيتُ بجرتي
فقال الأمير:
املؤوا له الجرّة ذهباً وفضة.
فحسده بعض الناس وقالوا:
هذا فقير مجنون لا يعرف قيمة هذا المال، وربما أتلفه وضيعه.
فقال الخليفة:
هو ماله يفعل به ما يشاء، فملئت له جرته ذهباً، وخرج إلى الباب ففرّق المال لجميع الفقراء، وبلغ الأمير ذلك، فاستدعاه وسأله عن ذلك، فقال:
              يجود علينا الخيرون بمالهم                            ونحن بمال الخيّرين نجودُ
فأعجب الأمير بجوابه، وأمر بأن تملأ جرته 10 مرات ذهباً وفضة.
وقال: الحسنة بـ10 أمثالها، فأنشد الفقير هذه الأبيات التي تنسب إلى الإمام الشافعي:
              الناس للناس ما دام الوفاء بهم                    والعسر واليسر أوقات وساعاتُ
              وأكرم الناس ما بين الورى رجلٌ                   تقضى على يده للناس حاجاتُ
              لا تقطعن يد المعروف عن أحد                     ما دمت تقدر والأيام تاراتُ
              واذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت                   إليك لا لك عند الناس حاجاتُ
              قد مات قوم وما ماتت فضائلهم                   وعاش قوم وهم في الناس أمواتُ
وهنالك ما يطلق عليه «مسار تيسيري طبيعي»، بمعنى أن تيسير الحياة لبعض الكائنات، مرهون بكائنات أخرى وفق معادلة وضعها خالق الكون جل وعلا. مؤخراً أثبتت أدلة تجريبية علمية أجريت على مدى ثلاث سنوات، أن طائر البطريق الأفريقي دائماً ما يكون محاطاً بطيور ماء أخرى، وذلك لأن البطريق يسهل عليه الحصول على الغذاء، كونه يستطيع أن يغطس على عمق 60 متراً تحت الماء، ليجد مجموعة من سمك الأنشوجة ويحملها معه إلى السطح يأكل اثنتين منها فقط، ويترك البقية للطيور الأخرى التي لا تستطيع الغوص لتأكل بدورها. وهي لن تستطيع الحصول على قوتها إلا بهذه الطريقة. يقوم البطريق بذلك بالفطرة التي فطره الله عليها؟
المروءة كانت دائماً أبرز الصفات التي يوصف بها العرب، بعض الأحداث والتصريحات لسياسيين تجعلك تتساءل: أين ذهبت المروءة؟