درست الإماراتية عفراء الظاهري، تخصص الفندقة والسياحة، قبل أن تفتتح أول فندق للحيوانات في دولة الإمارات، تمنح زائره تذكرة سفر ليدخل إلى عالم يفيض بالإنسانية تجاه الحيوانات. فأغلى ذكرياتها أول لعبة لكلبها، وعلبة تحفظ داخلها أسنانه. تكسر قلب عفراء قطة تموء بحثاً عن طعام، وتتخيل كيف ترانا عمالقة أمامها، فكل موقف لحيوان تقيسه على حياتها، إذ صار بإمكانها أن تنهي خصاماً مع أحد ما، بعد أن تعلمت كيف تسامح الحيوانات بعضها، وهي تعجز عن ذلك.

ملجأ
تطمح عفراء الظاهري إلى أن تفتتح ملجأً للحيوانات، وتوضح: «هذه أمنيتي، كي أتمكن من أن أفصل عملي الخاص عن عملي الإنساني والخيري في مجال الحيوانات، لأن مصاريف الفندق هي من نفس مصاريف حيوانات التبني، وهذا يعمل على إبطاء حركة مشروعي قليلاً».

• كيف جال في خاطرك إنشاء مشروع فندق للحيوانات؟
قبل أن تأتيني فكرة المشروع، كنت ناشطة في حقوق الحيوان عبر الـ«سوشيال ميديا»، أحث الناس على الاهتمام بالحيوانات المنتشرة في الشارع وفي الفترة ذاتها تبنيت كلباً، وأصبحت أرفض السفر خوفاً عليه، ومن هنا جاءتني فكرة إنشاء مكان للناس الذين يخافون ترك حيواناتهم.

• وما التحديثات التي طرأت على مشروع فندق الحيوانات؟
المشروع يتضمن فندقاً وحضانة للكلاب والقطط والطيور، وعيادة بيطرية وصالون حلاقة، ومحلاً لبيع اكسسوارات الحيوانات، كما توجد خدمة تدريب الكلاب، وبالطبع هناك عدة تعديلات طرأت على المكان كالديكور وعدد الغرف الإضافية، و«تاكسي» الحيوانات، أي نقل الحيوان من وإلى الفندق بسيارات خاصة، إضافة إلى خدمة تجهيز أوراق السفر للحيوانات، إضافة إلى الحضانة والبيطرة المنزلية.

تجهيزات
• ما التجهيزات التي أنشأتها في الفندق؟ وما الفرق بين غرف الـVIP والغرف العادية؟
مساحة غرف الـVIP تكون أكبر، كما أنها مزودة بكاميرات خاصة لكل غرفة، تمكن الزبون من مشاهدة حيوانه مباشرة، كما زودت حضانات الحيوانات بأجهزة الموسيقى والتلفزيون، فالكلاب مثلاً تشعر بأنها تعيش في جو بيتي وتركز على الشاشة، ويتضمن الفندق 30 غرفة للقطط، و70 غرفة للكلاب، وهناك نظامان متبعان في الفندق، هما نظام الفندقة ونظام الحضانة، للناس الذين يتركون حيواناتهم لفترة قصيرة بسبب السفر.

• كيف تصفين نسبة الإقبال على الفندق من أصحاب الحيوانات الأليفة؟
قبل سبع سنوات، كان أكثر زبائني من الأجانب، لكن الوضع تغير حالياً وأصبحت نسبة زبائني من العرب كبيرة، كما أن القطط هي أكثر الحيوانات التي كانت تأتيني إلى الفندق من قبلهم، واليوم أصبحوا يربون حيوانات عديدة كالكلاب والطيور.

تبني
• هل يوجد نظام لتبني الحيوانات في مشروعك؟
إذا جاءنا حيوان من قبل أحد ما، وقال إنه وجده في الخارج، وبعد أن نتأكد من صحة قوله، نأخذ الحيوان ونعالجه إذا كان مريضاً، ونتخذ الإجراءات اللازمة لاستضافته والمحافظة عليه، قبل أن نعرضه للتبني، والشخص الذي يأتي ليتبنى هذا الحيوان، نجري له مقابلة ونرى هل سيكون الحيوان في مكان مناسب مع هذا الشخص، فمثلاً الكلاب الكبيرة قد لا تناسبها الشقق الصغيرة. ولا تترتب على الزبون أي مبالغ سوى ثمن التطعيمات، والأشخاص الذين ينقذون حيوانات وجدوها مريضة أو تعرضت لحادث ما، نمنحهم أسعاراً خاصة.

• كم أثرت ذكريات طفولتك في حبك للحيوانات ودفاعك عنها؟
حينما كنت صغيرة، كنت أرى أطفال جيراننا في الشارع وهم يصرخون على الكلاب ويرمونها بالحصى، وعندما يرون قطة سوداء يبتعدون عنها بحجة أنها (متلبسة جني)، كل هذه الأفكار المغلوطة والتصرفات الخاطئة أثرت في شخصيتي جداً، وأصبحت أكثر تعاطفاً مع الحيوانات، واليوم الناس أصبحوا أكثر وعياً، وهناك قوانين في الدولة تحفظ حقوق الحيوان وتردع المعتدين.

• ما رأي والديك في ما تقومين به؟
فخوران بي، وعائلتي لديها اهتمام كبير بالحيوانات، فعندما كنت طفلة ربينا الكثير من الحيوانات، كالقطط والسلاحف، والأرانب والسمك.

مكان الألم
• هل تؤثر تربية الحيوانات في نفسية الإنسان؟
أشعر بأن أي منزل دون حيوان لا حياة فيه، وبالفعل الإنسان يصبح مرهفاً أكثر وحنوناً ومليئاً بالطاقات الإيجابية عندما يربي الحيوانات، فهناك الكثير من الدراسات التي أوضحت التأثير الإيجابي للألفة بين البشر والحيوانات، كأن يشعر الحيوان بألم صاحبه ويحس به، وهذه دراسة حقيقية طبقت على الكلاب والقطط، فمثلاً كلبي عندما أكون مريضة دائماً ما يرقد على مكان الألم، وهناك قصص حقيقية عن حيوانات أخبروا ونبهوا أصحابهم عن أمراضهم،
كقصة قطة نبّهت صاحبتها إلى إصابتها بسرطان الثدي.

• هل يؤثر تعامل أصحاب الهمم مع الحيوانات في شخصياتهم؟
بالتأكيد، الكثير من الأطفال من أصحاب الهمم يأتون إلى الفندق، لرؤية الحيوانات واللعب معها، وهناك جمعيات تتواصل معنا بعد رؤية التأثير الإيجابي جداً، الذي يحصل لشخصية الطفل ومدى استجابته، وحتى من يعانون مشاكل ذهنية يمتلئون طاقة إيجابية بعد زيارتنا. وحتى الأسوياء، فهناك طلاب يأتون إلى الفندق بعد أن يروا أن بإمكانهم إنجاز مشاريعهم بشكل أسرع، وهم في هذا المكان.

إبريل
• من بين الحيوانات التي تستضيفينها في الفندق، «كلبة» تسير على كرسي متحرك.. ما قصتها؟
هذه الكلبة اسمها إبريل، وسميتها بهذا الاسم لأنها جاءت إلى الفندق في شهر إبريل عام 2012. تعرضت هذه الكلبة لإيذاء عنيف من قبل بعض المراهقين، جاء بها رجل وقال إنه يريد إنقاذها أو إعطاءها إبرة الرحمة، وبعد علاجها اشتريت لها كرسياً متحركاً، ورغم كل ما حصل معها، أراها أليفة جداً وتحب البشر، صدقاً أنا تعلمت منها جداً، حتى أنني كنت على خصام لسنوات مع إحدى قريباتي وسامحتها بسبب هذه الكلبة، فكرت بالأمر، كيف يمكن لكلبة أن تسامح رغم ما حصل معها، ونحن لا نستطيع أن نسامح، ونعفو.

• هل يمكن أن تمنحيها للتبني؟
لا، لأن حالتها من الصعب جداً أن يتبناها أحد، كونها تحتاج إلى رعاية وعناية خاصتين، ويستحيل أن أحقنها إبرة الرحمة، قررت أن أبقيها لآخر يوم بعمرها معي، إلا إذا وجدت الشخص الذي يمكن فعلاً أن يكون مستعداً للعناية بها.

• هل لديك حيوانات خاصة بك؟
لدي غرفة خاصة بالزواحف في الفندق، من أجل تعليم الأطفال، أما في المنزل فلديَّ 12 كلباً وببغاءان وقطتان، أما حيواني المفضل فهو النمس، لأنه ذكي كالكلاب ولعوب كالقطط.

توعية
تؤكد عفراء الظاهري، أن الكثير من المدارس والحضانات تأتي لزيارة الفندق، وتضيف: «نعلّم الأطفال كيف يتعاملون مع الحيوانات سواء من ناحية إطعامها أو تنظيفها وتمشيطها، فإذا علّمت الطفل كيف يرعى الحيوان ويكون حنوناً معه، سيبقى هذا الأمر معه طوال حياته، ولا أستطيع وصف سعادة الأطفال الذين يأتون إلى هنا».