جاءت إيزابيل إلى الجزائر برفقة أمها بحثاً عن أخيها الذي انتمى إلى اللفيف الأجنبي المتمركز وقتها في سيدي بلعباس. من أصول أرستقراطية روسية من أمها، هاجرت إلى سويسرا برفقتها، ثم الجزائر، اختارت العيش في الأحياء الشعبية في بونة (عنابة) واعتنقت الإسلام لتكون قريبة من روح الناس الذين أحبوها لبساطتها، ظلت تحلم بالمغامرة والترحال إلى أن أصبحت صحافية، وصارت تتحرك في الجزائر كلها، أقامت لاحقاً في باتنة في منطقة الأوراس في 1899، طردتها السلطات الفرنسية لنشاطها المعادي ضد الاستعمار إذ كانت تقول في مقالاتها كل مشاهداتها.
في مارسيليا التقت الشخصية التي أثرت في حياتها كثيراً، سليمان إيهني ضابط في الجيش الفرنسي، وعاشت معه قصة حب جميلة أثارت أسئلة كثيرة. كيف لامرأة جميلة ومناهضة للاستعمار أن تتزوج بجاسوس؟ أحبها سليمان بقوة وجعل من قضية إعادتها للجزائر قضيته الأساسية. أصبحت فرنسية بالتبعية لجنسية زوجها، مما سمح برجوعها إلى الجزائر، وبدأت تشتغل في الجريدة العربية الوحيدة: الأخبار، التي كان يديرها فكتور باريكوند. وبدأت تجوب الجزائر طولاً وعرضاً في رحلات لا تنتهي. وحتى تأمن قطاع الطرق، ارتدت الزي العربي وسمت نفسها محمود السعدي. ذات مرة وهي في رفقة الشيخ الهاشمي القادري، تعرضت لمحاولة اغتيال خرجت منها سالمة. زارت المناطق الجنوبية، والهضاب ومنطقة الأوراس، ووصفت حياة الناس الصعبة، حتى التقت بشخصية عسكرية كبيرة ساعدتها على الذهاب بعيداً في عملها الصحافي: الجنرال ليوتي، الشغوف بالموسيقى والأدب، الذي سمح لها بالتوغل حتى المناطق الجنوبية المحرمة عسكرياً. استقر بها المقام في عين الصفراء مع زوجها سليمان، على حافة النهر القديم الجاف أو قليل الماء. علاقتها الناعمة بسليمان كانت توفر لها الطمأنينة والسكينة، على الرغم من الشائعات التي أحاطت بها كونها عميلة لزوجها وللجنرال ليوتي. وتشاء الأقدار أن تموت في الليلة التي عادت فيها من مهمتها نحو زوجها، بعد غياب طويل في المناطق الداخلية. فقد غرقت في فيضان وادي العين الصفراء الذي كان فجائياً ولم يترك لها أي فرصة للنجاة، بينما استطاع سليمان أن يخرج سالماً، بأعجوبة. دفنت في مقبرة سيدي بو جمعة، وبنى لها الجنرال ليوتي قبراً عليه اسمها، أبقاها حية أبداً.