من أكثر الأسئلة صعوبة عليك أن تسألي نفسك: ما سبب فشلك في أي أمر؟ فالطريقة التي تتعاملين بها مع الهزيمة، وما تقررين أنه سبب هزيمتك هو ما يشكل مصيرك بعد ذلك. لذا عليك أن تعلمي جيداً أن طريقة تعاملك مع صعوبات وتحديات الحياة وكيفية مواجهتها، هي ما ستصنع نوعية حياتك، فقد تصل إلى كثير من الناس قناعة بعد فشلهم في أمر ما، بأنهم لن ينجحوا، أو تتحسن أمورهم مهما فعلوا، وأنهم عاجزون ولا حول لهم ولا قوة، وأنهم سيظلون خاسرين مهما فعلوا، هذه المجموعة من القناعات يجب عليك ألا تنغمسي فيها إن كنت تنظرين جيداً إلى حياتك.

العجز المكتسب
هناك اسم لهذا الحالة في علم النفس، إذ حين يعاني الشخص إخفاقات متعددة في أحد المجالات، فإنه يظن أن جهوده ستذهب أدراج الرياح، وبذلك يصاب بحالة من الإحباط النهائي، يطلق عليه «العجز المكتسب». أجرى د.مارتن سيليغمان من جامعة بنسلفانيا الأميركية أبحاثاً عديدة حول الأسباب الكامنة وراء حالة «العجز المكتسب»، تحدث عن ثلاثة أنماط من القناعات التي تجعلك تشعرين بالعجز، وقد تدمر هذه القناعات جانباً من جوانب حياتك، وهذه الأنماط هي: الديمومة، الشمول، السمات الشخصية.

الديمومة
إذا اعتقدت أن مشاكلك دائمة، وأن الأمور لن تحل، ولن تحققي أي تقدم في حياتك، فأنت كل يوم تتناولين جرعات من سم قاتل يتغلغل في كل أرجاء جسدك، ليوصلك إلى اليأس، فالفرق بين الناجحين الذين يملكون رصيداً من الإنجازات، وهؤلاء العاجزين عن تحقيق أي نجاح في أن الفريق الأول لديه قناعة أن الإخفاق لن يدوم، فيتحرك في حياته بناء على هذا الاعتقاد، ويبحث، ويرى بدائل وحلولاً أخرى، أما الفريق الثاني، فيرى أنه من الصعب تغير الحال، ومهما فكر سيبقى الحال على ما هو عليه. فإذا ما أردت تحطيم هذه القناعة، فتذكري الألم الذي يصاحب شعورك بالفشل في أي أمر مثل العلاقات، العمل. عليك أن تقولي لنفسك إنك لا تريدين أن يعود إليك هذا الشعور نهائياً، واجهي نفسك وقولي: «هذا أيضاً أمر عابر، وسينتهي».

الشمولية
الفرق الثاني بين الفائزين والخاسرين، وبين المتشائمين والمتفائلين هو القناعة حول شمولية المشاكل أي أن الشخص الذي يحرز نجاحاً لا ينظر إلى أي مشكلة على أنها شاملة أي أن هذه المشكلة لا تتحكم في جميع نواحي حياته، إنها مجرد تحدٍ بسيط في النمط الذي يتبعه في حياته، كالسمنة مثلاً ينظر إليها على أنها مشكلة في تناول طعام زائد، عدم ممارسة الرياضة، لكنه لا يوقف حياته بأكملها، لأن لديه هذه المشكلة، فهو يخرج مع الأصدقاء، يعمل، ويبحث عن حلول للتخلص من تلك المشكلة، حاربي فكرة أن تسيطر مشكلة ما على حياتك، فتصبحين بمزاج صعب، ولا ترين الأشياء الأخرى في حياتك، تحدي قدرتك لجعل المشكلة في حجمها الطبيعي، فلا تفخمي منها، ولا تقللي أيضاً. ومارسي قدرتك على ذلك بالفعل.

السمات الشخصية
إذا فكرت في الفشل والإخفاق على أنه مشكلة أو عيب كامن فيك شخصياً، وهو مخلوق داخلك، فإنك سوف تشعرين بالارتباك وجلد الذات، فلو شعرت بأن الفشل فيك أنت وليس في أسباب حقيقية، فستحملين هذا الشعور معك أينما توجهت وسوف ترين المشاكل حولك من خلال ذات فيها الكثير من الخلل، وتقابلين أي فشل باللوم والعتاب وتحميل نفسك فوق طاقتها.
إن هذه القناعة التي تقيدك أشبه بتناول جرعات صغيرة من الزرنيخ التي تتجمع يوماً بعد يوم لتصبح جرعة قاتلة. إذ إنك لن تموتي على الفور فإنك تموتين عاطفياً في اللحظة التي تبدئين فيها بتبني هذه القناعات، ولذا عليك أن تتجنبيها بكل الطرق الممكنة، وتذكري أنه ما إن تؤمني بفكرة ما حتى يبدأ عقلك بالعمل في ذلك الاتجاه، بحثاً في محيطك عن كل ما يمكن أن يساند هذه الفكرة.