لقرون طويلة ما فتئت هدايا «العيد» توقع حضورها الأصيل على دفتر العطاء تماهياً سرمدياً مع سنة التغيير، ورغم اختلاف صورها وطقوسها عبر العصور لا تزال «العيدية» تحتفظ بكامل بهائها وقيمتها المعنوية لدى الصغار والكبار، تجسيداً مادياً للمحبة ونفحة قيّمة من أيادٍ دافئة للأقارب والأحباب، فما أصل هذه العادة وفصلها؟

ظهرت قصة العيدية لأول مرة تاريخياً في العصر الفاطمي (مصر) وموعدها كان في آخر ليلة في رمضان، إذ كانت تُوزع النقود على العسكريين والموظفين وكذلك الفقهاء والمُقرئين بمناسبة ختم القرآن. أما في نهار العيد فقد كانت الجماهير تنتظر تحت قصر السلطان أو الخليفة والذي كان يخرج عليهم لينثر الدراهم والدنانير الذهبية عليهم من شرفته بأعلى أحد أبواب قصر الخلافة.

طبق دنانير
في العصر المملوكي أطلق على «العيدية» اسم «الجامكية» وتعني «المال المخصص لشراء الملابس»، حيث كان السلطان المملوكي يصرف بشكل رسمي راتباً بمناسبة العيد للأمراء وكبار رجال الجيش والجنود ومَن يعملون معه، وتتفاوت قيمتها تبعاً للرتبة، فكانت تقدم للبعض على شكل طبق مملوء بالدنانير الذهبية، وآخرون تقدم لهم دنانير من الفضة وإلى جانب ذلك كانت تقدم الحلويات والمأكولات.

فرحة للأطفال
خلال العصر العثماني اختلفت طريقة تقديم العيدية اختلافاً كبيراً، ولم تعد تقدم للأمراء ورجال الدولة، بل أصبحت تمنح للأطفال في صورة هدايا ونقود وصارت من أبرز مميزات العيد وينتظرونها عاماً بعد عام  بفرحة وترقب.

تطور وابتكار
بعد فترة توقفت الدولة عن صرف «العيديّة» على موظفيها، ولكن ما لبثت أن ظهرت عادة توزيع «العيديّة» من الآباء إلى أبنائهم ومن الكبار إلى الصغار في شكل نقود وهدايا وحلوى، وكان الأطفال يلبسون ثياب العيد الجديدة ويطوفون في الشوارع لجمع العيديّة، ومن ثم يعودون لمنازلهم بالكميّة التي جمعوها، وبمرور الوقت وتعاقب الأجيال أخذت تتطور في شكلها وقيمتها، وتغيرت طرقها حتى انتهت بها الحال إلى ما هي عليه اليوم سمة متوارثه تميز الأعياد، وباتت تقدم بطرق جذابة ومبتكرة، ولكن لم يتغير وقعها الجميل على النفوس ولا ما تهديه من فرحة وحبور.

مسميات
عادة عربية إسلامية تعود لقرون قديمة واسمها مشتق من كلمة «عيد»، وتعني «العطاء» أو «المنح» أو«العطف»، وقد أطلقها الناس على النقود والهدايا التي كانت توزعها الدولة خلال موسمي عيدي الفطر والأضحى كتوسعة على أرباب الوظائف، وكانت لهذه «العيدية» مسميات عدة عبر الحقب فقد عرفت «بالرسوم» في أضابير الدواوين، وأطلق عليها اسم «التوسعة» في وثائق الوقف.