عندما يصل الأمر إلى الحب، تسقط الحواجز بين الناس وتلتقي المشاعر غير آبهة بجنسية أو عرق أو دين. هي حال بعض الأزواج الذين التقوا بالمحبة في زمن العولمة والانفتاح، وبنوا جسوراً متينة تصل فيما بينهم، آملين أن يكون اجتماعهم على الحب، أمثولة تعلم من حولهم قبول الآخر.

تطلعات واحدة
كانت تعرف منيرفا، منذ أيام الدراسة الجامعية، أن شعورها بالحب تجاه رفيق الدراسة محمد سيتوج بالزواج لا محالة، وتقول: «قصة حبي لم تتأثر ببعد مناطقي أو ديني أو اختلاف في منظومة المجتمع الضيق. لم يكن بيننا اختلاف فكري أو ثقافي أو حضاري، بل جمعتنا أحلام وتطلعات واحدة. بالطبع لم يكن سهلاً أن أقنع والديّ بحبي الكبير لمحمد الذي عانى الأمر عينه مع والديه، فقررنا معاً أن نتزوج مدنياً ونسافر حتى تهدأ أصوات المعارضين من العائلتين وننال الرضا ولو بعد حين. واخترنا الإمارات لنستقر فيها ونبني عائلة، وكان لنا ما سعينا له». تضيف مينرفا: «اليوم بعد 20 عاماً على زواج سعيد أثمر ابنتين رائعتين، أتوقف عند الخطوة التي تجرأت وقمت بها، فخورة بما أنجزت وبأننا تحدينا المصاعب وجعلنا كل من حولنا يعترف بأن التعايش مع الآخر وجه من وجوه المحبة الحقيقية».

انفتاح
تؤكد المستشارة الزوجية والأسرية دالية شيحا أن الزواج المختلط هو فرصة للانفتاح على الحضارات الأخرى وبناء جسر بين الجنسيات المختلفة، ووجه من وجوه التسامح والتقارب، وصورة من الصور الجميلة التي تدفعنا إلى التخلص من العنصرية والكراهية تجاه الآخر الذي نعتبره مختلفاً عنا. وتعقب: «كل زواج بغض النظر عن شكله، يحتاج إلى أسس مبنية على التقدير والاحترام والاهتمام والأمان لينجح. وفي غياب هذه الأسس قد يتعرض أي زواج للفشل، سواء كان زواجاً مختلطاً أم تقليدياً». وتفسر: «مشكلات الزواج تكمن في انعدام التواصل والفهم بين الأزواج، لا في كون الشريك مختلفاً في الدين أو الجنسية أو العرق أو اللون، ذلك أن المشاعر واحدة بين البشر. فمن المهم أن يكون هناك اتفاق مسبق بين الثنائي قبيل الزواج على المبادئ والقيم التي سيربان عليها أولادهما، ولا يسمحان للأسرة الممتدة بالتدخل سلباً في حياتهما الأسرية، أو يُنظر إلى الطرف المختلف بنظرة تفرقة أو تُصدر الأحكام المسبقة ضده، بل التعامل معه بالتسامح والود مع التركيز على النقاط التي تجمع ولا تفرق».

أجيال التسامح
يقول أستاذ علم الاجتماع، الدكتور محمد أبو العينين، إن تاريخ العلاقة بين الإثنيات والأديان والقوميات بل واللغات، موسوم بالذكريات المؤلمة التي تركت انطباعات خاطئة عن الآخر المختلف، وصعبت من محاولات الاقتراب التي يقوم بها البعض من أجل ترسيخ الحوار بين الثقافات والحضارات. ويضيف: «يبقى الزواج المختلط، وإن حدث، مؤشراً للتسامح ووجهاً من وجوه قبول الآخر، وأتمنى أن تشهد البشرية مزيداً من التقارب بين الأديان والعرقيات والمذاهب والقوميات».
ويلفت د.أبو العينين بالقول: «لعل الزواج بالتحديد، يكون المدخل الأقوى للتقارب، فهو أكثر العلاقات الإنسانية حميمية، وتنتج عنه أجيال تؤمن بأهمية وضرورة التسامح وقبول الآخر».

الزواج واحد
يعرف المحكم الأسري والمستشار القانوني، الدكتور أشرف أمين، الزواج المختلط  بأنه نوع من أنواع التسامح وقبول الآخر من جنسية أو ديانة أخرى. ويضيف: «قد تتشدد بعض المجتمعات بموضوع الزواج المختلط، إنما في دولة الإمارات تعيش 200 جنسية ويتم الزواج بينهم بشكل طبيعي». وعما إذا كانت نسبة الطلاقات المختلطة عالية، يقول: «ليست هناك نسبة ملحوظة في هذا الإطار. ومن الضروري الإشارة إلى أن الزواج واحد ولو تعددت أشكاله، أي أن الزواج المختلط حقيقي ورسمي ويتم عن طريق المحكمة، وتنطبق على مسألة نجاحه واستمراره شروط ومعايير الزواج بشكل عام، وفشله لا يعود إلى الاختلاف في الجنسية أو الدين».