(يعلك ذخر) عبارة نقولها كثيراً في حياتنا، ورغم أننا نستخدمها في حالات التعبير عن الامتنان لشخص ما بأن يديمه الله سنداً ودعماً، إلا أن لها معاني أخرى مشابهة في ثقافتنا الخليجية والعربية، ومنذ أيام تعزز في قاموسي معنى عميق آخر لكلمة ذخر، نتج عن شعور أحاط بي خلال زيارتي مركزاً اجتماعياً أوجدته هيئة تنمية المجتمع في دبي لخدمة كبار المواطنين (وهو المسمى البديل لكبار السن الذي منحته قيادتنا لهم تقديراً لدورهم وما قدموه للمجتمع والدولة).
الزيارة كانت ضمن أنشطتنا الرمضانية المجتمعية في دبي الذكية، وقد أمضيت أنا والفريق وقتاً طيباً مع كبار المواطنين، ولكن ما جعلني أكتب (رمستي) هذه ليس الزيارة، ولكن شعوراً لا يوصف أحاط بي أثناء استرسال كبار المواطنين في الحديث معي، وإخباري بقصص أعرفها عن ذكرياتهم مع والدي الراحل بطي بن بشر، وأخرى كثيرة لا أعرفها ولكن يتذكرونها بحب ووُدّ وأصبحت الآن جزءاً من ذكرياتي عن والدي.
جميعنا نعتقد أن كبار المواطنين هُم من يحتاجون إلينا لرعايتهم وتلبية احتياجاتهم، وهو أمر صحيح في جانب منه، ولكن ما يغيب عن أذهاننا أننا في الواقع نحن الذين بحاجة لهم أكثر، لأن الحياة المعاصرة بكل تفاصيلها وسرعتها جعلت أرواحنا تحتاج إلى ماء يرويها يُخفف آثارها علينا، ويذكرنا كيف وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من تطوّر وتقدّم، وهذا امتداد لما كفلته العادات والتقاليد والدين لكبار المواطنين من مكانة واحترام ورعاية.
صحيح أن الزمن ترك بصماته على كبار المواطنين، لكن أرواحهم شابة أكثر من العديد من الشباب في رأيي، ففي كل مساحة من أعمارهم الطويلة محطّة تُذكرنا بأن للحياة معنى أعمق وأجمل. أعرف هذا الشعور جيداً لأنني أبدأ به يومي ولا أذهب للنوم قبل أن أعيشه مجدداً بين يدي والدتي وأحاديثها الصباحية والمسائية.
في المرة المقبلة التي سأقول فيها (يعلك ذخر) لشخص ما سيكون دعاءً منّي له ببركة العمر، وطول السنين المليئة باللحظات التي لا تنسى. هذا البُعد الجديد الذي أضفته لكلمة ذخر في قاموسي وأنا واثقة بأن سطوري لن تنتهي بنهاية هذا المقال ولكن ستمتد لأحاديث تبحثون فيها عن معانٍ جديدة لكلمة ذُخر في حياتكم وحياة من تُحبون. فما هو الذّخر في حياتكم؟