لرمضان سحر خاص في نفوس الناس، وأثر كبير من دون أن يكون هناك الكثير من التخطيط، للوصول إلى هذا الأثر، وفي أحيان كثيرة تقول رمضان وتتوقف عن التكملة، لأنك لا تجد مفردة تختصر المشاعر المتراكمة لديك، فرمضان في الخليج ليس هو الذي في إندونيسيا، ورمضان في بيروت ليس هو الذي في السودان، لكل دولة رمضانها، ولكل شعب رمضانه الذي ألِفَه.
سيقول البعض إنه شهر لا يختلف عن بقية الشهور، وإن المظاهر الاجتماعية التي ترافقه، هي التي جعلته مميزاً، فعلى سبيل المثال في مصر قصة فوانيس رمضان لها أهمية كبيرة، وكأن الفقير قبل الأكل يجب عليه أن يوفر فوانيس لأبنائه، وفوانيس لتزيين البيت، كل ذلك قبل الأكل وملحقاته.
ومن الكلمات التي لا تقال عادة بين الناس، على الرغم من أن معناها هو تهيأت لك، ربما لأنها ارتبطت بالقرآن الكريم بقصة زليخة، وارتبطت بمشهد جريء، على الرغم من جمال الكلمة، واختصارها لشرح طويل، حيث تختصر كلمة هيت لك معنى أنا على أتم الاستعداد لك، أو أنا جاهز لك، ولكنْ كلمتا «الاستعداد» و«جاهز» لا تشعرانني باكتمال الجاهزية أو الاستعداد، كما أجده بهيت لك.
نحن نستعد عادة لأي أمر نريد أن نفعله، ونكون جاهزين كذلك، ولكن رمضان أقبل، وقد أردت أن أكون بأكمل جهوزيتي لله، أردت أن أبتعد عما يرفع ضغطي من أحاديث الأصدقاء، وما يسهم في إلغاء وعيي وثقافتي ويجعلني سطحياً من برامج ومسلسلات، وأردت ألا أدخل لعبة الخصومات الرمضانية، والعروض التسويقية في رمضان.
أردت أن أكون إلى الله أقرب، فقلت هيت لك ربي، هذه الروحانيات تكون من داخلنا، كنت في سنوات مضت في رمضان في الكعبة، وكان التدافع والزحمة بين الناس يحولان بين الإنسان والروحانيات التي يريدها، وكان نظام النوم ونظام الأكل ونظام العبادة ليس من اختياري، فلم أجد ما كنت أبحث عنه في رمضان.
لا أبحث في رمضان عن الجوع والعطش، ولا أبحث عن أجمل الوجبات في الإفطار، ولا أبحث عن متابعة مسلسلات، ولا أبحث في كل رمضان يأتي عن عداء أو مشاحنة، حتى مع من يستحقون العداء، لقد استجمعت قواي الروحية، وقواي الذهنية، وقلت هيت لك ربي في رمضان، فأصبغ عليّ من فيض نورك ورحمتك ما تنير به روحي، وما يستقر بعقلي، هيت لك ربي، فاغمرني بما تحب، واجعل أجمل الكلمات ما تخرج من لساني، ولا تجعلني غيبة أو نميمة عند أحد سامحته قبل أن يغتابني، ولا تصغرني في عيون الناس يا رب، ولا تسمعني ما يسوؤني في صحتي وأبنائي وأهلي ومن أحب ومالي، هيت لك ربي.

شـعر

رمضانُ شهرُ الخيرِ والأنوارِ

ما زلتُ أذكرها طفولتي التي

أقبل ْ فدتكَ على المدى أشعاري

أمست كلمعِ البرقِ في الأسحارِ

وفدتك ألوية الضياءِ ونبضها

والأنسُ يجمعنا كصفِّ قلاةٍ

وفداك يا شهرُ الصفاءِ مساري

حياهُ ذاك العقد في التذكارِ

عُـدْ بي لِـلَهوي والبراءةُ توأمي

يا ليتني ما زلتُ طفلاً جاهلاً

عُـدْ بي فدتك قوافلُ الأعمارِ

معنى الشقاءِ وحكمة الأقدارِ