استطاعت النجمة السورية نسرين طافش بأدائها الباهر لشخصية «ست الحسن» في دراما «مقامات العشق» على «قناة الإمارات»، أن تكسب الرهان وتلفت الأنظار نحو الدراما التاريخية، من خلال دورها شاهدة على العصر، الذي يعيش فيه الإمام محيي الدين بن عربي، وفكره وكتبه وخُلاصة تجربته بالتصوّف والتنوير، ومن خلال غنائها الكثير من أشعاره، إذ قدّمت في مرحلة الشق الأندلسي سبع أغانٍ، وفي الشق الصوفي قُرابة ستة أعمال، وجميعها من ألحان المؤلف الموسيقي طاهر مامللي.. وحازت نسرين الإعجاب والإشادة.

• هل ترين أن منح الفنانات اللبنانيات سيرين عبد النور ونادين نسيب نجيم وماغي بوغصن وغيرهن بطولة عدد من الأعمال الـ«بان أراب»، إلى جانب الممثلين الرجال السوريين، جاءت على حسابك أنت وزميلاتك السوريات؟
عن نفسي، لا شيء يؤثر فيَّ فأنا أرسّخ نجوميتي بالطريق المتوازن الراضية عنه. وأرى أني قوية فنياً بل «رقم 1» بين الفنانين السوريين على الـ«سوشيال ميديا»، لذلك لا تعنيني المنافسة ولا تخدمني، وأكبر دليل أني قدّمت في رمضان عملاً من أضخم الإنتاجات.

وجه أوروبي
• قرأتُ عبارة تقول: «نسرين طافش.. وجه أوروبي جميل في الدراما الرمضانية 2019 على قناة الإمارات».. فهل ترين نفسك أوروبية الملامح؟
أنا متلوّنة. وهذه العبارة تصف حالي في مسلسل «مقامات العشق»، وكيف تحولت من الإسبانية «برنيكا» إلى «ست الحسن»، بعد أن جاءت إلى العالم العربي وتعلمت ثقافة العرب كلاماً وغناءً ورقصاً، إذ جئت لأداء مُهمة معيّنة وبقيت هنا.

• إلى أي درجة وجدت نفسك تشبهين «ست الحُسن»؟
ملامحي خليط، فأنا جدّتي أمازيغيّة من «شلوح» المغرب، وأمي جزائرية، ووالدي فلسطيني، وهذا الهجين المتنوع أحدث لديّ تركيبة مختلفة، هذا عدا وجهي المرن والقابل للتغيير حسب طريقة المكياج أو تغيير لون الشعر، وهذا يُساعدني في مهنة التمثيل.

• وما تأثير الشخصية فيك؟
مُتفاجأة من النتائج.. فمنذ الأزمة السورية وحتى اليوم لم تجد الدراما التاريخية صدى عند الناس، إلى أن جاء مسلسل «مقامات العشق» الذي أعتبره أنْعَش الدراما التاريخية من جديد وحقق (تراند)، وهذا يُعد إنجازاً أكثر من رائع، و«مقامات العشق» جذب الجمهور بمضمونه القوي، حيث يتكلم العمل عن فكر «محيي الدين بن عربي»، وعن الإسلام الوسَطي، والفكر الوسطي الذي يدعو إلى التسامح والمحبة، وكيف نتصالح مع ذواتنا، وكيف ينظر كل منّا إلى اختلافه مع الآخر بعين الرحمة، وكيف نتمتع في حياتنا ونكون أكثر مرونة وطيبة.

ممثلة شاملة
• نراكِ في «مقامات العشق» راوية للأحداث وشاهدة على مراحل حياة «ابن عربي»، فما أكثر مرحلة من حياته استوقفتك؟
كل شيء في حياته استوقفني، وقصة «ست الحسن» تبدأ أولاً مع علي بن عربي، والد محيي الدين بن عربي، والعمل يتحدث من الحلقة الأولى وحتى الأخيرة عن تَدرُّج الإنسان بالوعي، وكيف يُعاني في مرحلة الجهل المتدني، وكلما صارت لدى الإنسان معرفة، أصبح أكثر سعادةً وابتهاجاً. وهناك من كان يعتقد أن المسلسل سيرة ذاتية بحتة عن «ابن عربي»، لكننا في العمل نتناول فكرة وسيرة سلطان العارفين، لذلك تمت تسمية العمل «مقامات العشق».

• عدا أدائك التمثيلي، بهرت المشاهدين في «مقامات العشق» بغنائك أبياتاً من شعر «ابن عربي» فهل عشقك الغناء حفزك إلى قبول الدور؟
عندما جاءني الدور وجدت أن «ست الحسن» ترقص وتغني وتجسّد الاستعراض، هذا عدا كونها إنسانه عميقة وتمر بتغييرات درامية عديدة، قلت هذا هو الدور الذي أبحث عنه. وأذكر أن المنتج مفيد الرفاعي والمخرج والمؤلف، وقالوا لي: أنت بالنسبة إلينا الخيار الأول والأخير للشخصية.

ثنائيات رمضانية
• كيف تنظرين إلى ثنائيّتك مع الفنان يوسف الخال في «مقامات العشق»؟
هذه الثنائية لامست العالم وأحبوها كثيراً، بدليل كمّ التفاعُل الذي حصدناه عبر وسائل «التواصل الاجتماعي». لذا، أنا سعيدة لأني مثلت مع يوسف الخال، الذي أعتبره واحداً من أهم الممثلين في العالم العربي وليس فقط في لبنان فهو ممثل لديه كل عناصر الفنان المتكامل شكلاً ومضموناً وأخلاقاً، والأهم من هذا أنه ليست لديه عُقد نفسية. باختصار، هو شريك ممتاز جداً.

• أيضاً شاهدنا في رمضان برامج حواريّة عديدة، مثل: «شيخ الحارة»، «مجموعة إنسان»، «مع عايشة» وغيرها، يطل فيها الفنانون مقابل حفنة من الدولارات يتقاضونها أجراً، نجدهم يكشفون المستور في حياتهم من زيجات وطلاقات وخلافات، حتى وصفت بأنها أشبه بـ«ضرب نار»، فهل غيابك عن هذه البرامج تخوف من جرأتها أم ماذا؟
في نظري، أصبحت الـ«سوشيال ميديا»، في عصرنا الحالي، كفيلة بأن توصل أفكار وآراء الفنان بشفافية ومصداقية أكثر من أي برنامج، وإذا فرَضاً كنت سأظهر في برنامج حواري، فلا بد أن أنتقي البرنامج بعناية شديدة، لأنه ليس أي برنامج يحقق (تراند) على صعيد المشاهدة وله صداه في العالم العربي، من الضرورة أن يكون منسجماً مع فكري وقيَمي ومعتقداتي. وما نراه في هذه البرامج حالياً أن المذيع هو المحقق، بينما يجلس الفنان الضيف وكأنه إنسان مُذنب، رضي لنفسه أن يُعنَّف ويُهان. باختصار، هناك ممثلون قبلوا على أنفسهم الإهانة بالظهور في مثل هذه البرامج، لأجل كسب المزيد من الشهرة.

لست خائفة
• جرّبت الزواج والطلاق.. أيّهما أجْمَل؟
كل مرحلة لها جماليّاتها، والأهم أن يستمتع الإنسان بالمرحلة التي يمر بها، وحالياً سعيدة ومستمتعة بحرّيتي وعزوبيّتي.

• ألا تخافين ألا تُحققي حلم الأمومة، خاصة أن العمر يتقدم بك؟
لست خائفة من هذا، ولكني أخاف أن أعيش حياة غير التي أريدها.

• مَن الرجُل الذي تتمنين الاقتران به في زواجك الثاني؟
أن يكون لديه وعي.. والوعي أقصد به أن تفهم لماذا أنت موجود في هذه الحياة، وما أهدافك، وتعرف كيف تعيش الحياة، ومتى عرفت هذا ستتصالح مع نفسك ومع الآخرين. كذلك على الرجل الذي يرتبط بي أن يُعاملني كـ(ملكة)، وإذا لم أعامل كملكة «بالناقص مع هيك رجال».

من سوريا إلى الإمارات
• وأنت تُقيمين حالياً في دولة الإمارات، هل تغيرت طريقة تفكيرك عمّا كانت عليه عندما كنت مستقرة في سوريا؟
الإنسان يجب أن يتطور ولا يظل ثابتاً. فالثبات والاستقرار في مكان مُعيّن ومن دون تطوّر معناه أنك في حالة موت على صعيد المشاعر. وأكيد عقليّتي عندما كنت في حلب ليست كما هي عندما توجهت إلى دمشق وأقمت فيها، وتختلف عنها عندما جئت واستقررتُ في دبي، فالأمور ذهبت نحو الأفضل. وعلى الرغم من أني فخورة بأني سورية وجزائرية وفلسطينية، نسبةً إلى والديّ، كذلك فخور بأني أمضيت للآن (11 عاماً) في دبي، وأشعر بأن الإمارات هي بلدي الثاني فالمكان الذي أعيش فيه بأمان وراحة وسعادة، و«اللايف ستايل» فيه تتناسب مع رغباتي، هو بالتأكيد المكان الأنسب لي لأستقرّ وأمضي حياتي فيه.

• لماذا اكتفيت في رمضان 2019 بمسلسل «مقامات العشق»؟
عُرضت عليّ أعمال عديدة في سوريا ومصر، لكني اعتذرت عنها لتضارُب مواعيد التصوير فيها مع «مقامات العشق» الذي كنت قد ارتبطت به مسبقاً. فمثلاً، اعتذرت في مصر عن البطولة النسائية في مسلسل «أبو جبل»، من بطولة الفنان مصطفى شعبان، وقدّمَت الدور لاحقاً الفنانة التونسية عائشة بن أحمد على أكمل وجه كما اعتذرت عن مسلسلي «ورد أسود» و«باب الحارة»، واعتذرت عن فيلم «حملة فرعون» وكذلك عن عمل عرَضهُ عليّ الفنان وائل رمضان.

• أخيراً، ما جديدك؟
كاتب فيلم «نادي الرجال السري»، اتصل بي وقال لي: جهّزي نفسك للجزء الثاني من العمل، وهو فيلم بعنوان «نادي النساء السري». كما لا تزال هناك عروض عدة قيد الدراسة.

إنسانة متسامحة
بمناسبة «عام التسامُح»، سألنا نسرين: هل تُعلنين تسامحك مع جميع زملائك الفنانين؟ فأجابتنا: «أنا كإنسانه دوماً متسامحة، والتسامح بالدرجة الأولى يعني أن تكون متصالحاً مع نفسك. لكن التسامح لا يعني أن تعود وتتعامل مع الشخص الذي سامحته، خاصة عندما يكون الطرف الآخر مؤذياً. وأنا فخورة بأني أعيش في الإمارات التي اختارت 2019 عاماً للتسامح بمفهومه العميق، وهو التسامُح بين الأديان».

ألبوم «الحلوة»
لم تكتفِ نسرين طافش بنجومية التمثيل، فدخلت مجال الغناء، وتحتفل في عيد الفطر بإطلاق أسطوانتها الأولى، التي كشفت تفاصيلها، قائلة: «ألبومي الجديد سيتضمن (10 أغنيات) وفيه أعمال باللهجات المصرية، السورية، الجزائرية، الخليجية والعراقية. والألبوم سيحمل عنوان «الحلوة»، وهي أغنية مصرية من كلمات مصطفى حسين، ألحان بلال سرور، وتوزيع هاني يعقوب. ويقول مطلعها: «الحلوة حلوة في أي هدوم، إنشالله تكون صاحية من النوم، جَدَعة وأصيلة وعشْرة تدوم، معاها تعيش لو في البدروم، وحتبقى العيشة حلوة.. العيشة حلوة في أيّتها حال، الغنى غنَى نفس مَهُوَّش غنى مال، إذا قافلة فوجهك بالإقفال، ارضَ تعيش مرتاح البال، وحتبقى العيشة حلوة...». وفي الألبوم تتعاون نسرين مع الملحن والموزع الموسيقي حسام كامل في ثلاثة أعمال هي: «يا نار»، «موصدق أحبه»، وفي أغنية «أهلاً وسهلاً بالأحباب»، التي سبق أن غنّتها طروب، لكن هذه المرّة بتوزيع جديد.