لماذا تتمسك عقولنا بالأفكار والذكريات السلبية والمؤلمة؟ لماذا تُشعرنا بالخوف والرعب عندما تلح علينا فجأة من دون سابق إنذار؟ بل في أغلب الأحيان من دون التنبؤ بها. قد تؤرقنا تلك الذكريات لفترة طويلة وقد تخلق منا مبدعين ومتميزين، لكن يبقى في الداخل بركان متحرك قد ينفجر في أي لحظة، ليغلفنا برماد الخوف والقلق الذي لا ينتهي. لنتأمل قليلاً ولنجد طريقة نهدأ بها، لتسكن تلك الفوضى في دواخلنا.

تمييز
هناك رؤى وطرق قد تساعدنا على ترتيب الفوضى في دواخلنا؛ لأننا نستحق الاستقرار والهدوء والسعادة، وتجتمع كلها في راحة البال، أبرزها: التمييز بين الخوف والقلق، فالخوف حالة عاطفية ناجمة عن خطر حقيقي نواجهه، أما القلق فهو حالة خوف من خطر غير موجود، وفي بعض الأحيان لا نعلم مصدره. ولكن شيئاً من الخوف ضروري، فهو عاطفة إيجابية وغريزية تخدمنا للتخلص من الخطر، وقد يحفز الجهاز العصبي لاتخاذ اللازم، أما القلق فهو عاطفة قوية حساسة تجعلنا متوترين، ولا نستطيع الخروج من دائرته بسهولة، ومعظم الأحيان لا نستطيع اتخاذ إجراءات مباشرة للتخلص منه، لأننا لا نعرف مصدره؛ لذلك علينا التعامل مع الأفكار والمشاعر لنصده.

التركيز على فكرة القلق
يمكن أن نقنع أنفسنا بأنه لا يوجد قلق، وأن لا وقت لدينا للخيال، وهو ما نحتاج إليه للتخلص من القلق، ولنستخدم «التعاطف» حيث نستطيع اتخاذ إجراءات لدعم وتخفيف صور تسبب لنا المعاناة، ولنبتعد عن الاسترسال بسيناريو القلق، لأن العقل أحياناً يصور لنا صوراً كأنها حقيقية، وهي في الواقع غير صحيحة، لذا قد يدخلنا القلق في معاناة مع أشخاص أو أحداث لا تمت لنا بصلة، وتبدأ لدينا أعراض القلق، هنا توقف واسأل نفسك: هل يعني لك ذاك الشخص أو الموضوع شيئاً؟ هل هذا الموقف أو الشخص حقيقي؟ وهل يخدمك ذلك الموقف بشيء؟ ستتأكد من أن جميع الإجابات ستكون على الأغلب «لا»؛ إذاً، توقف.

استئصال القلق
نحن في زمن وظرف بعيدين نوعاً ما عن الخيال والتصور، وفي كل بقعة من الأرض هناك كوارث وحروب ومشاحنات، سلوكيات الأشخاص تغيرت، وأصبحوا منشغلين بالكثير من الأمور بعيداً عن التعاطف والرحمة في بعض الأحيان، وقد لا يكون لدينا الوقت الكافي للتخيل والتصور والمحادثة الذاتية، لذا إذا شعرت بالتوتر تجاه أي موقف قد يقلقك، ما عليك سوى أن تركز لمدة 10 أنفاس للاسترخاء وستواجه القلق وتتغلب عليه.

التأمل
بكل بساطة، مارس التأمل يومياً، واجعلها قاعدة، وهناك طرق عدة للتأمل، بدلاً من البحث عن الأخبار من خلال هاتفك الذكي كل صباح، ادخل إلى بعض المواقع التي تساعدك على الهدوء والاسترخاء، ونحن في الشهر الفضيل اجلس في مكان هادئ وسبح واستغفر، واشعر بالروحانية أثناء تأدية الصلاة، وبالذات في صلاتي الفجر والقيام، يمكنك أن تصمت لفترة وتقوم بكل مهامك بصمت من دون الحديث مع أحد، وستُفاجأ بالنتائج الإيجابية لهذا الصمت على نفسك وعقلك.

استشارة
* يتساءل بعض الناس، عن أفضل طرق العلاج النفسي لاضطراب القلق، وهل يكفي العلاج النفسي أم هناك ضرورة لاستخدام الدواء، ومن هم المخولون لعلاج اضطراب القلق؟

باب القلق يحتوي على أنواع متعددة، ومنه القلق العام والوسواس القهري والهلع والخوف الاجتماعي، وغيرها من الأنواع. البعض يعتقد أن الدواء النفسي يؤدي إلى الإدمان، نعم أي دواء يستخدم بطريقة خاطئة لا شك يسبب الإدمان ومشكلات أخرى، وفي كثير من الحالات يجب أن نستخدم الدواء ثم العلاج النفسي، لكن في حالات أخرى لا نحتاج إلى الدواء، وذلك يعتمد على حدة الأعراض وشدتها.
أما المخولون بعلاج الاضطرابات النفسية، ومنها القلق فهم الأخصائي النفسي، الاكلينيكي المهني، والطبيب النفسي، وبعض المتخصصين كالمعالجين النفسيين. أما بالنسبة إلى أفضل طرق العلاج، فهي تعتمد على أسباب الاضطراب وطبيعتها وشخصية المصاب بالاضطراب، فيمكن أن يكون العلاج بالدواء فقط، أو الدواء مع أحد أنواع العلاج النفسي المتعددة.