نقود سياراتنا للوصول إلى مكان ما، وعلى الرغم من أخذنا الاستعدادات والاستعانة بخرائط الموقع قد يلتبس علينا أحياناً شارع بآخر، فنصل إلى منطقة أخرى غير التي أردناها منذ البداية، والسلوك التلقائي في هذه الحالة أن نواصل رحلتنا للوجهة الصحيحة وألا نقف، ولكن في الحياة يواجه البعض منّا هذا الموقف بمجريات حياتهم، فلا تكون ردود أفعالهم واحدة بل تختلف باختلاف عقلياتهم وتجاربهم.
مررت قبل أيام على صورة في الـ«سوشيال ميديا» تصف حالتين؛ الأولى: رسم بياني فيه خط صاعد يشير إلى انتظام المسار وقد كُتب تحته: الذي خططت له، والثانية: رسم بياني فيه خط متعرج ولولبي منطلق في كل الاتجاهات، وقد كتب تحته: ما حصل معي في الواقع. طبعاً نظرت إليه بتندّر وتذكرت كثيراً من مواقف الحياة التي نُخطط لها بصورة وتحدُث بصورة مختلفة تماماً، ولكن آثارها في الحياة تتوقف على كيفية تلقينا إياها وتعاملنا معها.
في حالات محدودة تكون نتيجة خطة ما، أحسن من الهدف المرسوم لها، وهنا لا يتطلب منّا الأمر سوى الاحتفال بالنجاح والبناء عليه، ودراسة العوامل التي أسهمت في تعزيز النجاح، ولكن في كثير من الأوقات تنتهي الخطة بالفشل أو نتائج غير مرجوة ويرافقها تشاؤم وإحباط لدى من وضع الخطة، وقد يتوقف البعض عندها طويلاً، لدرجة تتوقّف معها حياتهم، والبعض بطبيعته لا ييأس وينطلق من جديد بعد أخذ الدروس والعبر.
هذه الحالة تنطبق على الدراسة والحياة العملية والاجتماعية بكل أبعادها. فحياتنا وحياة أبنائنا تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، وسط التطورات التي يشهدها العالم، وذلك رغم السهولة التي أضفتها الحلول التقنية على التجارب الحياتية المختلفة في الظاهر. وهنا ما نحتاج إليه هو أن نستحضر أمامنا الموقف ولا نعطيه أكبر من حجمه، وننظر إلى المخرج أو الوجهة الأكثر إيجابية وأقل ضرراً، وبالتأكيد ألا نتوقف طويلاً عنده.
هي في ظاهرها مهارة بسيطة، لكنها تحتاج إلى كثير من الدروس الحياتية، لنصل إلى مرحلة النضج في إدارة وجهة حياتنا وعملنا وأي بُعد من أبعاد الحياة. قد تبدو مكتوبة أسهل منها في الواقع، ولكن هل ستستقبلون الموقف التالي الذي سيواجهكم ببساطة إعادة ضبط الوجهة والانطلاق من جديد؟