داء السكري، إذا ارتفع مشكلة وإذا هبط مشكلة، وفي الحالتين يسقط المريض في تعقيدات لها أوّل وليس لها آخر. أنتم في صيام؟ مصابون بالسكري غير المستقر؟ لم تستشيروا طبيبكم قبيل شهر رمضان؟ أنتم إذاً في دائرة الخطر!. عندك سكري؟ سؤال لا بد أن يكون قد تكرر مراراً على مسامعكم، لكن ماذا لو سئل مريض السكري في شهر رمضان: عندك سكري؟ وماذا لو تلا السؤال الأول سؤال ثانٍ: هل السكري في دمك مستقر؟ هل زرت طبيبك في بدايات الصوم؟ هل سمح لك أن تصوم؟
لا يعير كثير من مرضى السكري اهتماماً لآراء الأطباء في هذا الشهر، معتبرين أن الأولوية للصيام ولا لشيء آخر غيره، وهنا يبدأ السكر في الدم بالهبوط والصعود بلا حسيب ولا رقيب. فهل هذا صواب؟

بين الممنوع والمسموح
اختصاصي أمراض الغدد الصماء والسكري، الدكتور أكرم آشتي، يتحدث عن مضاعفات قد تحدث لدى مريض السكري في هذا الشهر، هي: أولاً، هبوط حاد في نسبة السكر في الدم. ثانياً، ارتفاع حاد في نسبة السكر في الدم. ثالثاً، الجفاف. هل يمكن تفادي هذه الإصابات أو تخفيف التأثر بها؟ يسأل الطبيب هذا السؤال ويجيب عنه: نعم، يمكننا هذا من خلال الاستشارة الطبية ومراجعة الطبيب المعالج وتعديل الأدوية الموصوفة، لتتلائم مع ساعات الصيام الطويلة. في كل حال يجري تقسيم مرضى السكري في الصيام الى ثلاث مجموعات: الأولى، التي لديها خطر عالٍ والسكري عند أفرادها غير منتظم ولا مستقر، وسبق أن أتت عنه مضاعفات بينها جلطات في القلب وفي الدماغ أو مشاكل في الكلى. هؤلاء ممنوع عليهم الصيام كلياً.
المجموعة الثانية، تتشكل من الأفراد الذين يعانون خطراً لكن بحجم أقل من المجموعة الأولى، وهم مرضى النوع الأول من السكر المسيطر عليه، ومرضى النوع الثاني من السكري غير المستقرّ، ومن عانوا هبوطاً متكرراً في مستوى السكر في وقتٍ سابق.
أما المجموعة الثالثة التي يجوز صيامها من مرضى السكري من دون توقع مضاعفات فهي تشمل الأفراد الذين لديهم سكر في الدم مسيطر عليه، ومخزون السكر لديهم ضمن المعدل الطبيعي، ولم يعانوا في الفترة التي سبقت شهر رمضان هبوطاً في مستوى السكر في الدم. هؤلاء يستطيعون الصوم شرط أن يتقيدوا بالإرشادات الغذائية ويعمدوا الى تأخير موعد السحور ويشربوا كمية كافية من المياه بين الإفطار والسحور، وأن يتناولوا أدوية سكري تتناسب مع فترات الصوم الطويلة. وتشير الدراسات العلمية أن الأفراد الذين يتقيدون بالإرشادات لا يواجهون مضاعفات سلبية.

هبوط وصعود
ينصح الدكتور آشتي، مرضى السكري بإجراء الفحص مراراً وتكراراً كي يبقوه تحت السيطرة، وأن يمتنعوا عن إكمال الصيام، ويفطروا فوراً، إذا انخفض السكر عن 70 ميليجرام أو ارتفع عن 300 ميليجرام واستشارة الطبيب فوراً. وبعد انتهاء شهر رمضان يجب على مريض السكري زيارة طبيبه؛ للتأكد أن كل شيء بخير، وإعادة تعديل الدواء الذي أوصى به طبيب السكري مؤقتاً في رمضان.
مريض السكري يجب عليه أن يقاوم الرغبة الجامحة بتناول وجبة كبيرة وقت الإفطار، وأن يؤخر وجبة السحور قدر الإمكان، ويجب، بحسب آشتي، تناول أطعمة فيها سكر قليل وغنية بالألياف كي تساعد على منح الطاقة ببطء مثل خبز القمحة الكاملة والفاصولياء غير المقشورة والأرز الأسمر. ويهم تضمين الفاكهة والخضار والسلطات في الوجبات، وتخفيض تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة. ويفترض تناول كميات كبيرة من المياه أو المشروبات غير المحلاة، وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين والمحليات.

نوبة هبوط!
يعرف كثيرون عن ارتفاع السكري. لكن كيف يكتشف المصابون به أنهم يمرون بحالة هبوط في سكر الدم بسبب الصيام عن الطعام؟
هناك أعراض معتدلة وأخرى حادة، بينها رجفان وتعرق شديد وشعور بالقلق والجوع، وتنمل الأطراف وبضعف إدراكي وتبدل في السلوك، وبآلام شديدة أحياناً في الرأس وقد تسوء هذه الأعراض أكثر، فيعاني من يواجه حالة هبوط في السكر، خفقاناً سريعاً في القلب، وسكتة دماغية ونوبة قلبية وتشنجاً وغيبوبة.
يُنصحُ مريض السكري إذا شعر بهذه الأعراض خلال الصيام، بتناول الكربوهيدرات البسيطة لا المعقدة، وهي موجود في السكر الأبيض والعسل وفي بعض المشروبات الخفيفة، وهي سهلة الهضم وتؤدي إلى ارتفاع السكر في الدم بسرعة وتجنب السقوط في غيبوبة.