(مب مكلف خاطره يتصل!) عبارة أصبحت تتكرر باستمرار في العصر الرقمي، وخاصة في المناسبات مثل شهر رمضان المبارك والأعياد، عندما أصبحت الغالبية تكتفي بإرسال رسالة للتهنئة عبر واتساب أو أي منصة تواصل أخرى، أكتب هذه (الرمسة) وقد مر على شهر رمضان المبارك نحو الأسبوع.
ومثلما جرت العادة كانت الأيام الأولى للشهر الفضيل مزدحمة برسائل التهاني لديّ ولدى الجميع وهو ما جدّد تساؤلاً قديماً لديّ: هل من لا يزال يحتج ويتذمّر من الرسائل وحدها على حقّ؟ أم يجب أن ننظر إلى بُعد آخر اليوم؟ في رأيي لقد مرّ وقت كافٍ على ظهور وسائل التواصل المجتمعي والعصر الرقمي، الذي غيّر كثيراً من السلوكيات الاجتماعية وضمنها عادات تبادل التهاني.
أذكر رمضان أيام والدي الراحل، حيث كنا أوّل يوم في الشهر الفضيل، بعد صلاة التراويح، نذهب مع والدي وأمي للسلام على أرحامنا، وفي اليوم التالي يخرج والدي للسلام على الأصحاب وتهنئتهم بحلول الشهر الفضيل، وكذلك نحن كأسرة نزور الأصدقاء، وفي اليوم الثالث نستقبل المهنئين. طقس اجتماعي بقيت منه ملامح ولكنّه تطوّر وتغيّر مع مرور الزمن وأصبحت الرسائل الرقمية امتداداً لهذه الطقوس.
لذا أرى ألا نتذمّر من الرسائل، ولا نسارع للعتب على مرسلها، ولا نحكم أنها مجرّد سلوك شكلي في المناسبات، بل ننظر إليها بصورة مختلفة، هي أن المرسل تذكرنا ونحن ضمن أولوياته يوم حلول المناسبة، وأن الرسائل أصبحت الطقس الاجتماعي السائد في غالبية المناسبات، وهي عادة مقدمة لتواصل آخر.
وفي الوقت ذاته لا أريد أن نكون مثاليين، ونقول إن طقس الرسائل خالٍ من العيوب، بل على العكس تماماً، أرى أن الرسائل مثل أي شكل من سلوكيات الحياة الرقمية بحاجة لتطوير، وإعادة نظر بين الوقت والآخر، فما الذي ينقص رسائل التهنئة بشكلها الحالي؟
هناك ثلاثة مظاهر تتكرر، هي التي تُثير استهجان المتلقي وانزعاجه: ظاهرة النسخ واللصق من دون تخصيص الرسالة أو بذل جهد في صياغتها، وطول الرسالة بشكل يجعل قراءتها والرد عليها مهمة قائمة بحد ذاتها، الإرسال المتكرر وفي أوقات غير مناسبة. وكلّما فكّرنا يمكننا إضافة تحفّظ آخر للقائمة ولكنني سأكتفي بهذه.
لن تقلّ الرسائل في المناسبات مستقبلاً بل ستزيد، ولذا يجب ألا نقف متفرجين، بل أن نبدأ بأنفسنا ببذل جهد ولو بسيطاً في تخصيص الرسائل، أن نتجنب الإغراق، وأن نختار أوقاتاً بعيدة عن أوقات الذروة في مواسم المناسبات وأوقات الراحة. ومثل كل أمر آخر لو بدأنا بأنفسنا سيتحوّل العالم حولنا للأفضل. فهل كفتكم رسالة؟