لم أستغرب حين قرأت خبراً عن إسعاف رجل إلى المستشفى في هونغ كونغ، إثر تعرّضه لضربٍ مبرح في صالة السينما، بعد أن تعمّد إحراق أحداث فيلم Avengers: Endgame على الحضور. فهذا الفيلم هو الفصل الأخير في سلسلةٍ استمرت 11 عاماً، وتعدّ الأشهر في عالم الأبطال الخارقين، وإفساده يُعتبر جريمةً لا تُغتفر، خصوصاً بعد أن ترقّبته الجماهير بفضولٍ وشغف، وعليه فإنه يجدر بذلك الرجل المضروب أن يكون ممتناً لأنه خرج من الصالة حياً. بمجرد نزول Avengers: Endgame في السينما؛ لجأ الكثيرون في «تويتر» إلى كتم عنوان الفيلم ومشتقاته وأسماء أبطاله، تجنباً لأي حرقٍ طائش في (التايملاين)، وتصدّر (هاشتاق) عالمي، يدعو إلى عدم إفساد الأحداث، واضطرّ البعض إلى تعطيل حساباتهم على مواقع التواصل مؤقتاً إلى حين مشاهدة الفيلم، وحالة الطوارئ العالمية هذه تدلّ على أننا أمام جزءٍ غير مسبوق؛ جزءٍ يمثّل نهاية العالم.

خطة مجنونة
ما سيأتي لا يحوي أي حرقٍ لأحداث الفيلم، مع أنني متأكدٌ أن معظمكم سيكونون قد شاهدوه بحلول تاريخ نشر المقال. بعد أن صُدِم العالم في الجزء السابق بتحقّق رغبة الشرير ثانوس، وإبادته لنصف الكائنات الحية في الكون؛ يبدأ الجزء الأخير بالكثير من الهدوء والأسى، لكنّ بصيصاً من الأمل يلوح للأفنجرز، ويزيّن لهم عودة أحبائهم وأصدقائهم الذين فقدوهم، وذلك باتّباع خطةٍ مجنونة فيها الكثير من المخاطرة، لكنها خيارهم الوحيد لإعادة الكون إلى ما كان عليه. أما عدوهم ثانوس فيقول: «ما دام هناك أشخاص ما زالوا يتذكرون الماضي؛ سيظلّ هناك دائماً أشخاص عاجزون عن تقبّل ما حصل».

عالم Marvel
عليّ أن أعترف بأنني لا أتحمّس لأفلام الأبطال الخارقين إلا فيما ندر، ومشاهدتي لها غالباً أشبه بأداء واجب، لكنّ ما حدث في آخر جزأين من Avengers جعلني أغيّر نظرتي تجاه السلسلة بأكملها! المدهش عموماً في (عالم Marvel) هو الربط المتقن بين القصص والأفلام على مدار عقدٍ كامل، وتطوير الأحداث بما يؤدي إلى النهاية المثالية التي أرادوها. وقلت سابقاً إنني أحب الربط بين أفلامهم أكثر من أفلامهم نفسها، أتخيل أن لدى القائمين على هذه السلسلة جداراً ضخماً يشبه جدران المحققين الذين يربطون بين الخيوط والمواقع والأحداث لحل جريمة ما. يا للبراعة، أريد من مارفل أن تخطّط لي حياتي وتجمع أجزاءها المفككة كما تفعل في أفلامها! ثم هناك السوداوية التي ألقت بظلالها على الأجزاء الأخيرة، ومنحت القصة جدية وعمقاً وبعداً أخلاقياً، ونأتْ بنا عن الابتذال والتوقعات المسبقة في الانتصار السهل للخير على الشر، كما في معظم أفلام الأبطال الخارقين، وهذا كله ما كان ليتحقق لولا وجود شخصية شريرة قوية ذات مبادئ ودوافع راسخة تبرّر تصرفاتها وتُقنع المشاهدين، وهو ما توافر في (ثانوس) ثاني أفضل شخصية شريرة في أفلام الأبطال الخارقين - من وجهة نظري - بعد جوكر هيث ليدجر.

مشاهد هادئة
في أفلام مارفل؛ أحب المشاهد الهادئة المبنية على الحوارات والترقب أكثر من مشاهد الأكشن. الجزء الأخير كان مشبعاً من النواحي كافة، ففيه الدراما والأكشن والكوميديا والدموع، وثلاث ساعاتٍ ستمرّ من دون أن تشعر بها ومن دون الحاجة إلى فترة استراحة. مارفل في هذا الفيلم تكرّم نفسها وتحتفي بأبطالها احتفاءً مثيراً للإعجاب، وضمن سياق القصة. Avengers: Endgame هو حبة الكرز على الكيكة؛ تتويجٌ لسلسلةٍ رافقتنا لأكثر من 10 سنين، وحتماً ستخلّد في الذاكرة.


تذكرة لي ولكم
إن لم تكونوا قد شاهدتم فيلم Avengers: Endgame حتى الآن؛ فأنصح بأن تشاهدوا قبله بعض مقاطع الفيديو التي تقدّم مراجعةً لأفلام مارفل السابقة، لإنعاش ذاكراتكم وتجهيزكم للجزء الأخير، خاصةً أن قصة الفيلم تعتمد على الأحجار اللانهائية الستة: حجر الفضاء، حجر الوقت، حجر القوة، حجر العقل، حجر الواقع، حجر الروح.