في الماضي، كانت الشاشة الرمضانية لا تخلو من عرض المسلسلات التاريخية والدينية، وكانت هذه الأعمال من أهم العلامات البارزة في دراما الشهر الفضيل، لكن هذه النوعية من المسلسلات اختفت من العرض طيلة العام، وليس في رمضان فقط. وفي موسم دراما رمضان الحالي، من بين أكثر من 25 مسلسلاً مصرياً تُعرض على الشاشة، تنتمي إلى فئات «التراجيدي» و«الكوميدي» و«الأكشن»، يُسجّل الموسم غياباً تاماً للمسلسلات الدينية والتاريخية.

تقول الناقدة ماجدة موريس: «المسلسلات التاريخية والدينية تحتاج إلى كلفة إنتاج ضخمة للغاية، وهو غير متوافر حالياً، كما أن أي عمل من تلك الأعمال لا بد أن يمر بمراحل عديدة، لأن المسلسلات التاريخية والدينية هي توثيق لحقائق، فلا بد من التدقيق في السيناريو والأحداث المكتوبة؛ لأن هناك بعض التجارب، التي عُرضت مؤخراً، لبعض الأعمال التاريخية، كانت فيها معلومات مغلوطة، والمشكلة الرئيسية تكمن في ارتفاع الكلفة الإنتاجية لهذه الأعمال، فعلى سبيل المثال عندما تم تقديم مسلسل (سرايا عابدين)، كان هناك الكثير من الأخطاء التاريخية، التي أفقدت العمل مكانته، على الرغم من الإنتاج الضخم له».

ضعف العائد
يؤكد الناقد محمود قاسم أن «العشوائية» و«عدم الاهتمام» بقيمة الأعمال المعروضة، أصبحا سمتين سائدتين في الآونة الأخيرة، فاختفت المسلسلات التاريخية والدينية عن الشاشات، لأن أي مُنتج يريد أن يربح المال فقط، وتلك الأعمال تكلفة إنتاجها عالية وعائدها ضعيف، بالتالي لا يريد أحد أن يجازف بإنتاجها، فالآن أصبح الاهتمام بالقيمة الفنية للأعمال معدوماً، وأصبحت الدراما كالسلعة التي نريد منها المال، وليس الفن الحقيقي الهادف.

الإنتاج والسيناريو
يُبرّر السيناريست إسلام يوسف، عدم وجود مسلسلات تاريخية قائلاً: «المشكلة تتمثل في جانبين، جانب إنتاجي وآخر خاص بكتابة السيناريو، وللأسف العديد من المؤلفين يتجهون إلى الأعمال الدرامية غير التاريخية، لأن كتابة عمل تاريخي تحتاج إلى مجهود شاق جداً، للتأكد من التفاصيل التاريخية كافة بكل دقة، لأن توثيق التاريخ درامياً أمر ليس سهلاً».

تدخّل الدولة
يقول نقيب المهن التمثيلية المصرية، الفنان أشرف زكي: «غياب المسلسلات التاريخية عن الساحة الفنية أمر سلبي بلا شك، فهذه المسلسلات ضرورية حتى نربط الشباب بماضيهم وتاريخهم، وهذا يتطلب تدخل الجهات المسؤولة لأن إنتاج هذه الأعمال يحتاج إلى كلفة مالية عالية، ويجب أن توضع استراتيجية إنتاجية تضع ذلك في اعتبارها».

تشكيل الوعي
تقول الفنانة عفاف شعيب: «‎الدراما التاريخية تُعد أحد أهم مراجع الجمهور العربي لتكوين ثقافته المتعلقة بالشأن التاريخي، لا سيما التاريخ الإسلامي»، مشيرة إلى أن ما كان يُعرض من مسلسلات خلال رمضان يعد مادة أساسية لتشكيل الوعي، خاصة بالنسبة لقطاع الشباب، لكنّ تزايد عدد القنوات والانفتاح الإعلامي بدلاً من أن يؤدّيا إلى تزايد تلك الأعمال، دفعا المنتجين إلى اتجاه آخر، فصارت الأعمال الدرامية سواء التاريخية أم الدينية خارج دائرة الاهتمام، ولم يعد يذكرها أحد».