يعيش الفنان اللبناني يوري مرقدي في ذاكرة الجمهور العربي من خلال أغنيته الشهيرة «عربي أنا»، التي أحدثت ضجة كبيرة قبل 18 عاماً، قبل أن يختفي فنياً لسنوات عدة، ويعود لاحقاً.

• زرت دولاً عدة باستعراض «يوريات»، ما الفكرة التي أردت إيصالها منه؟
طالما لاحقني مشهد والدتي وهي تُحضر  طبق «المجدرة» وهي تستمع لأغنيات أسمهان، ورائحة الطعام تفوح شهية في بيتنا، بينما أجلس أنا في غرفتي أسمع مايكل جاكسون وموسيقى الجاز. هذا التنوع أسرني دائماً. وفكرتُ أن أحضر استعراضاً يطرح كل ما يلحُّ في ذاكراتنا من أغنيات عربية وإنجليزية وفرنسية، بأسلوبٍ سلس ومتناغم. وانطلقت أغني منذ ثمانية أشهر في عواصم عربية وعالمية، مدة «العرض» ساعة و40 دقيقة، وهو يحاكي كثيراً من الذكريات والتنوع ويَلقى تجاوباً كبيراً من الجمهور.

• تستخدم في أغنياتك مرادفات الحسم والجزم، مثل: «عربيٌّ أنا»، «خطيرة أنتِ»، و«انتهى العالم البارحة»، هل أنت هكذا في حياتك؟
صحيح، أفضل الأغنيات التي تتضمن موقفاً، وأرفض الغناء لمجرد الغناء. هذه شخصيتي حتى إنني أحياناً لا أتفوّه بكلمة طوال غداء أو عشاء، إذا شعرت بأنني لا أريد الكلام. لا أتكلف أبداً في حياتي بل أحيا بشكل عفوي طبيعي. في كل حال، أغنياتي ليست غريبة، وهدفُ الموسيقى منذ الأزل الإسهام في تغيير المجتمعات، وهذا ما أعمل له مع التذكير بأنني من أكثر من غنوا للحب لكن ليس بمفردات مثل (اشتقتلك وتقبريني) بل بمشاكل الحبّ التي لا يتطرق إليها كثيرون.

انقطاع
• ابتعدتَ أعواماً عن الساحة الفنية وكلفة الابتعاد في عالمكم باهظة. ألا توافقني الرأي أن الجمهور ينسى بسرعة؟
غادرت لبنان إلى كندا عام 2007 وبقيتُ هناك نحو ستة أعوام انقطعتُ خلالها كلياً عن عالم الفن. هذا كان خياري من أجل تأمين حياة مستقرة آمنة لابنتيّ، فأنا عشتُ ويلات الحرب اللبنانية، ولا أريد أن يتكرر معهما ما حدث معي. أعترف بأن الأمر لم يكن لي سهلاً، حيث كنت قد أنجزتُ بطولة الفيلم المصري «الحياة منتهى اللذة» إلى جانب الممثلة حنان ترك، وأغنية «بحبك موت» من إخراج نادين لبكي. وكانت مصر قد فتحت لي أبوابها بشكلٍ كبير. صحيح كان قرار ترك كل شيء والمغادرة صعباً، لكنني لم أندم عليه لأنني استمتعت طوال هذه الأعوام برفقة أولادي.

• ولماذا كان الانقطاع كلياً؟
هذا طبعي. أنا من الفنانين الذين لا يمكنهم التلحين والكتابة والغناء إن لم تُحركهم فكرة أو قضية أو موقف. الفن بالنسبة إليّ ليس تجارياً أبداًَ، وما يُساعدني على ألا أنجرف وراء العمل الفني التجاري، أنني لا أعتمد على الفن وحده كمصدر عيش، إذ أعمل في مجال الدعاية والإعلان وأكسب.

«توت»
• أغنيتك الأخيرة «توت» تحاكي كثيراً من الاعتبارات التي تقلق الشعب اللبناني، فهل هي موجهة إليه وحده؟
لا، فكل إنسان على مساحة العالم العربي قادر على أن يرى نفسه في كلمات هذه الأغنية، بدليل أن كثيرين جداً من المصريين فهموا أبعادها وتصل إليّ رسائل إعجاب يومياً من الجزائر والمغرب والأردن. و«توت» هي تعبير عن حالة مررت بها ولم أهتم إذا كانت ستضرب أم لا. ولا مرة طرحتُ نفسي مطرباً. أنا فنان أحب تقديم تجارب ناجحة في حقول متنوعة، ولا أهتم إذا ابتعدت قليلاً واختفيت. كنت أتحدث مع الفنانة يسرا عن التمثيل السينمائي وعن إصراري على اختيار الدور الذي أحبه لا الدور الذي يبقيني موجوداً، فقالت لي: حتى ولو مثلت فيلماً واحداً فقط في حياتك، سيكون أفضل بكثير من أي «تخبيص» بداعي الاستعجال.

العلاقة مع المرأة
• كيف هي علاقتك مع الـ«سوشيال ميديا»؟
لا أحبها.

• تغني للمرأة بشكلٍ مختلف، ما علاقتك بها؟
اختصرت علاقتي بالمرأة في كلمات أغنيتي «مشكلتي أني أحبك.. كما أنت وأبحث عنك كل يوم.. وأنا أعرف أنك في داخلي».

تعامل
ينتقد يوري مرقدي أسلوب التعامل مع الإنسان الناجح في كل المجالات وليس في المجال الفني فقط، قائلاً: «نرى كلاً من المخرجة اللبنانية نادين لبكي والممثل المصري الأميركي رامي مالك ولاعب كرة القدم المصري الدولي محمد صلاح يُكرمون في الخارج. أما عندنا فهناك من يسأل: من هو محمد صلاح؟ ومَن يقول عن فيلم نادين لبكي: لا يستحق»!