إن دقة اللغة العربية تجعلنا نشعر بالفخر، خاصة أن معنى العربي هو الخالي من العيوب، وتراث اللغة أوجد رغبة عند الشعوب العربية بتطوير لهجاتها الخاصة، إلى الحد الذي أدخلت فيه بعض الدول اللهجة كلغة معتمدة حتى في قراءة نشرة الأخبار.
ولكن اللهجات قد توصلنا إلى معنى محدد، كما هي الحال في اللغات الأخرى، بينما الإنسان يريد تعبيراً أكثر دقة، ومن علامات المحدودية مثلاً، عدم وجود إشارات التأنيث في اللغة الإنجليزية إلا في الضمائر، فكلمة مدرس تقال للرجل والمرأة وكذلك طبيب ومهندس.
وتنطبق الحال على معانٍ كثيرة تقال في جميع المواضع، وحين لا تسعفك اللهجة، فإن الفصحى لديها ما يغنيك ويلبي حاجتك التعبيرية، وقد لاحظت أن الكثيرين من الأصدقاء يكتبون باللغة البيضاء وأحياناً باللهجة، بينما تكون أغلب رسائلي باللغة الفصحى، حتى حين أرسل صباحاً صباح الخير أجدني قد شكلت الكلمة صباحُ الخيرِ، أو مساءُ الورد.
كتبت هذه المقدمة لعلني أجد رابطاً بما أريد قوله، وهو أن بعض الكلمات باللهجة ترتبط بمعنى محدد، ولكنها منطلقة باللغة الفصحى، ومنها كلمة أثمن، فهي بغالبية استعمالها تأتي بموقع، ثمن وأثمان، وهي لعملة الشراء فقط، بينما أريد أن آخذها لأبعد من ذلك، فحين تكون كلمة أثمن بمعنى أغلى، فلن تكون مرتبطة بأثمن عقد بأثمن منزل.
إنني أثمن الحياة التي فيها وطني هو الإمارات، وأثمن الحياة، لأن مجموعة الأصدقاء الذين يرفعون الضغط أحياناً فهم بشائر السعادة فيها دائماً، أثمن الحياة على ما فيها من طبيعة وجمال، وعلى ما فيها من أطعمة طيبة، وأنهار وجبال ووديان.
أثمن الحياة لأن فيها موسيقيين عباقرة، قدموا فيها من يستحق السمع بعد قرون مضت، ولا تزال موسيقاهم قادرة على ولادة الفرح في نفوس المستمع لها، أمثال بيتهوفن وموزارت وباخ، وأثمن الحياة لوجود مواهب ونوابغ في الفن التشكيلي والرسم، أثمن الحياة لأنها احتوت على سلفادور دالي وبيكاسو.
أثمن الحياة وأراها تستحق الثمن الكبير، لأن فيها شعراء خالدين منذ قرون، وشعراء سيخلدون، شعراء كتبوا وانصرفوا، فكانت قبورهم توابيت قابلة للفتح، ها هي قبورهم في مكتبات الناس، بينما هيكل الطين في تربة ما في الأرض.
فمن أجل الطبيعة الخلابة والأطعمة والموسيقى والشعراء والرسامين والأصدقاء ومن نحب، ومن أجل كل شيء جميل في الحياة أرى أن الحياة فيها ما هو ثمين لا يعرف قيمته إلا من افتقده.

شـعر

أنت أغلى في حياتي من حياة

أنت يا أثمن عطرٍ

أنتِ نجمٌ هكذا ينأى بعيداً

أنت يا أقرب زهرٍ

كي أراه

أنت يا قلباً تغنى في هواه

وإذا سار مضت

لي على بابك ظلٌّ

في أثره تمشي خطاي

فافتحي الباب

راجفاتٍ من خطاه

لكي يدخلَ قلبي في حماه