تأخذنا الحياة، على لينها، وقسوتها، بسرّائها وضرّائها، في طرق نهايتها واحدة، منذ لحظة الانطلاق حتى الوصول إلى الوجهة الأخيرة. أجمل المعاني وأسوؤها تمر علينا، المر كما الحلو يذهب ويصبح ذكرى.. تسكن أرواحنا في أماكن، وتتبعثر في أخرى على قارعة طريقنا، وتلملم أشلاءها في أزمان، لم تكن في حساباتنا، ومرات، بأنفاس لم نلحظها سابقاً. تختلف أهدافنا التي نود تحقيقها قبل لحظة الوصول الأخير، بعضنا ينجحون وآخرون يفشلون، منا من يتعثر ومنا من يواصل، البعض طريقه طويل، والبعض الآخر طريقه أقصر.
في هذا المسير، محسوم أن الخاسر ليس الذي يصل متأخراً عن البقية، بل هو الذي كلما يصل إلى نقطة ينطلق منها لما بعدها، غير عابئ بالتفاصيل التي تصادفه في مشواره، لا يلحظ الورود الملونة حوله وهو يسير مسرعاً، لا يستمتع برذاذ المطر أو انهماره في فصل الشتاء، لأنه في انتظار الصيف، لا ينحني ويقبل يد عجوز أو خد طفل، لأنه شارد الذهن. يقع وتمد له أيادٍ لمساعدته على النهوض يكتفي بـ«شكراً» - إن تذكر قولها - ويواصل. يلهث ويلهث ويلهث بحيث ينسى كيف يتنفس.
لنهدأ قليلاً، كلنا نسير ونركض لوجهة أخيرة واحدة. الغاية في مشوارنا هي الطريق، كيف أمضيت وقتك في رحلتك؟ كم شخصاً أسعدت؟ وكم لحظة أحسست؟ كم وكيف ولمن دق قلبك ورق؟ كم مرة قلت لمن تحبهم إنك تحبهم؟ كم مرة أدركت أن هذه طريق ذهاب بلا عودة، لا يمكن لك التراجع خطوة واحدة إلى الوراء إن فاتتك لافتة قف؟

نسب لسيدنا علي بن أبي طالب القول:

كـــــل مــــاض فكـــــأن لم يكـــن               كــــــــل آت فـكـــــــــــــأن قــــــــــد