شكّل الحرف العربي فضاءً فنياً واسعاً، أشبع رغبة مصممة الأزياء العراقية هناء صادق في استخدام رشاقته غير المتناهية في تصاميمها منذ 25 عاماً، حتى صارت من الأفضل عالمياً في دمج الفن العربي مع الزي العصري.

• لتكن البداية من منزلك (ملبوس الهنا)، ماذا تحكين عنه؟
حرصت على أن يكون منزلاي في عمّان وباريس، كأي بيت عراقي أصيل يسكن في الذاكرة، كل قطعة فيه لها ذكريات وحكايات تخفف عبء الحياة الرقمية، فمكتبتي تجعلني أعيش شعور الغنى، وتنوع البهارات في دولاب مطبخي تغريني لأطبخ الأكلات العراقية القديمة كما تعلمناها من الجدّات، وفي حديقتي أزرع الريحان والجوري والنارنج والياسمين، وعلى جدران منزلي لوحات لعدد كبير من رواد الفن التشكيلي، تدفئ صقيع الأيام وتأخذني إلى أيام الدراسة واللهفة والشغف، باختصار فإنّ بيتي (ملبوس الهنا) هو الوطن والعاصمة والحدود بالنسبة إليّ.

المرأة الأنيقة
• في رأيك، من المرأة الأنيقة؟
هي البسيطة والطبيعية وغير المتكلفة، المرأة ليست بحاجة إلى ارتداء ملابس باهظة الثمن حتى تبدو أنيقة، وإنما تكفي ملاءمتها للجسم والمكان والمناسبة؛ لذلك، تكتسب الأزياء البسيطة والعصرية، التي ترافق صاحباتها لفترات زمنية طويلة، (وليست صرعة وتزول)، مزيداً من التألق والفخامة والأناقة.

• حصلت على الكثير من الجوائز العالمية، وكُرّمت في العديد من عواصم الموضة، أيها في البال ويفرح قلبك كلما تذكرته؟
كان تكريمي في اليونسكو بباريس مع إصدار كتاب خاص بمسيرتي وأعمالي من أجمل حصادات العمل والجدية عبر السنوات، كذلك حصولي على الجائزة الذهبية في مهرجان «ألتا روما»، ولقب «سفيرة الأزياء العربية».

• ما الذي يلهمك في تصميم الأزياء والحليّ؟
يلهمني موروثي العراقي الغنيّ، والأصالة في فطرتي بالدرجة الأولى، كذلك زياراتي للمتاحف العالمية، والموسيقى بأنواعها، وقراءاتي الكثيرة في الشعر والمسرح والميثولوجيا، والسفر ملهم قوي، فالطبيعة المتنوعة والاحتكاك بثقافات مختلفة يغذيان عين الجمال.
ثقافة الاختيار

• من النساء اللواتي يجدن أنفسهن في تصميماتك؟
جميعهن، بمختلف الأعمار والأحجام والجنسيات والأذواق والثقافات، من دون مبالغة، فيمكن لأي امرأة أن تجد نفسها في تصميم على الأقل من كل مجموعة، إذ أكون حريصة على أن ألبّي احتياجات كل من تحب أن تشعر بالتميز، فلست معنية فقط بالنحيفات كما يروج الإعلام لمقياس الجمال، فكل أنثى تمتلك جاذبية بشكل أو بآخر، والمهم أن تعرف كيف تبرز مواطن حسنها.

• ما الفرق بين المرأة العربية والغربية في ثقافة اختيار الأزياء والحليّ؟
للأسف لا توجد ثقافة الأناقة المعتمدة على البساطة والعملية عند أكثر شعوب العالم الثالث، فعقدة الماركة مسيطرة عند الأغنياء والفقراء (متاح لهم المقلّد منها)، بلا شك يحب الجميع الظهور بالشكل الأمثل، لكن الهوس بشراء الماركات التجارية الغالية، وتحولها في حياة البعض إلى غاية يربط بينها وبين احترامه لنفسه واحترام الآخرين له، يجعل الاختيارات عشوائية، وغير لائقة في أغلب الأحيان. تتمتع الغربية بأناقة الجوهر والمظهر، وتدرك أنّ التميز يكون بالوعي والاطلاع والثقافة والاحتفاظ بالهوية وعدم التقليد، وللأسف صار العالم لا يرى فينا غير سوق استهلاكية لكل ما يصدّر لنا.

• من الشخصية التي ارتدت من تصميماتك، ولها في ذاكرتك تميز؟
صممت لملكات وأميرات وممثلات ونماذج ثقافية لامعة وزوجات رجال أعمال وشهيرات في مختلف المجالات، لكن للملكة نور الحسين منذ أكثر من 30 عاماً مساحة خاصة في قلبي وذاكرتي، هي أيقونة وفيّة في اقتنائها وإعجابها بأعمالي حتى اليوم.

• كيف يكون إطلاق الاسم على كل مجموعة لكِ؟ وما الأقمشة التي تغلب على اختياراتك؟
أسمّي كل مجموعة من حصيلة المعطيات المؤثرة فيّ حينها، اجتماعية، عاطفية، حدث عام، أو تجربة مؤثرة، وأفضّل الأقمشة الطبيعية وأسميها «الأقمشة النبيلة»، وأنا خير من يعرف تفاصيلها وحميميتها وطاقتها الإيجابية الجميلة، فعائلة والدتي تجار أقمشة من قديم الزمان، وعائلة والدي كانوا نساجين عبر أجيال متعاقبة.

مولعة بالفن
• أنت كاتبة ومولعة بالشعر، كيف انعكس هذا على تصميماتك؟
كبرت وتربيت على الشِّعر، كنت أسمعه غناءً وإلقاءً في جلسات العائلات العراقية، ولأنني مولعة بفن الخط العربي، طرزت شعر الغزل العربي القديم، ولشعراء معاصرين، بخطوط متنوعة على الأقمشة التي أستخدمها، مما أعطاها روحاً شرقية وبصمة متميزة.

• لا بدّ أن خلف هذا المشوار الحافل والنجاحات والشخصية الطموح والمحبة للجمال بكل صوره طفولة جميلة، فكيف تتذكرينها؟
كنت طفلة وحيدة لأبوين منفتحين على الحياة والفن بأنواعه، درست في مدرسة الراهبات، كنت طفلة ترسم وتلعب في بيئة صحيّة وهادئة. تعلمت اللغة الفرنسية في سن مبكرة، واخترت دراستها لجمالها والأبواب التي فتحتها لي للاطلاع على الحضارة الفرنسية الأنيقة، ولم أهمل هواية الطفولة، وبدأت تتشكل ملامح توجهاتي في الرسم في مرسم جامعة بغداد للآداب مع الدكتور خالد الجادر.

«رمزية الوشم»
درست المصممة هناء صادق الفن التشكيلي على أيدي الفنانين العراقيين الروّاد، بعد حصولها على شهادة في الأدب الفرنسي، ثم أكملت دراستها في تصميم النسيج والرسم على الحرير والخزف في باريس. ألقت العديد من المحاضرات عن الحلي الفضية والأزياء العربية في محافل ومعاهد فنية عربية وأوروبية، وكتبت العديد من المقالات المتخصصة للمجلات والصحف. لها كتاب منشور بعنوان: (رمزية الوشم للمرأة الأردنية)، ومؤلف آخر عن (زينة المرأة العربية في الأمس القريب).

جوائز
• جائزة فخرية للأزياء العالمية في موسكو (1987)
• الميدالية الذهبية في مؤتمر الأزياء الثقافي الدولي في إيطاليا (1998)
• وسام أفضل مصمم عربي في أثينا (1989)
• الجائزة الأولى للمؤتمر العربي للموضة في العراق (1989)
• 4 شهادات شرف في المهرجان الدولي للفن والثقافة في جرش في الأردن (1997-1998-1999-2000)
• الميدالية الذهبية لأفضل ممثل للموضة العربية في مصر (1999)
• 4 جوائز فضية في مدن مختلفة من إيطاليا (1999-2000-2001)
• الجائزة الذهبية لأفضل مصمم أزياء في البحرين (2000-2001)
• الجائزة الذهبية لأفضل مصمم أزياء في دبي (2001-2002)
• شهادة شرف في فرنسا (باريس 1998 وسانت اتيان بينالي 2002)