في أحد الطرق المزدحمة، ترجل أحد الشبان من سيارته وبدأ صوته يرتفع عالياً، وبخطوات تسابق إحداها الأخرى ذهب ليتحدث مع أحد سائقي السيارات المجاورة، والذي فوجئ بدوره بعصبية الشاب وبقي صامتاً يستمع له من دون استيعاب أي جملة مفيدة، وبقي يردد: «اهدأ هداك الله.. ماذا حدث؟ لماذا أنت منفعل؟». والآخر مستمر في الصراخ حتى بدأت السيارات في التحرك، اتجه لسيارته وأغلق الباب بقوة وتحرك مسرعاً وكأنه في سباق مع الشارع الممدود.

تحكم
هكذا لا يستطيع البعض أن يتحكم في سلوكياته، وقد يندم على تصرفات قد تحرجه أمام الآخرين، لأنها في الحقيقة قد لا تستحق إتلاف الأعصاب والإحراج وأذية الآخرين، وذلك نتيجة تلك المشاعر المؤذية، والسلبية التي تولد السلوك السلبي في حق نفسه ثم في حق الآخرين، وهنا عليه أن يغير فكرته التي تولد لديه الشعور المؤلم والذي بدوره يدفع الشخص إلى السلوك غير المرضي.
لا أريد هنا أن أتحدث عن الأفكار غير المنطقية أو تلك السلبية التي تولد تلك المشاعر، ولكن لمعرفة كيفية التعامل مع هذه المشاعر وإن عجزت عن التحكم في أفكارك أو تغييرها لتكون الأفضل.

كن منفتحاً
يجب على من يشعر بالسلبية أن يتوقف عن محاولة السيطرة على كل شيء؛ لذا، كن منفتحاً ومتقبلاً للحالات والمواقف بدلاً من تصيد أخطاء الآخرين، ففكرة السيطرة مخيفة حتى وإن تهيأ لك أنك الأقوى، فالتجرد من تلك الفكرة يجعلك أكثر سعادة وتوازناً. كما يفضل إعادة صياغة المشاعر السيئة والسلبية كخيبة الأمل، والإحراج، والاستياء، والغضب، والغيرة والخوف، وهي في الواقع لحظات واضحة للغاية تتيح لنا معرفة أين نتراجع ونبتعد عن مواجهة الموقف. وعلينا أن نتعلم متى نتراجع عن المواجهة والانهيار حتى لا نبقى عالقين في تلك المشاعر.

لوم الآخرين
علينا أن نتوقف عن لوم الآخرين، فحاجز اللوم يمنعنا من التواصل مع الآخرين بصدق وشفافية، وسياسة من هو الصحيح ومن الخطأ التي نمارسها مع جميع من حولنا، وإلقاء اللوم طريقة مريحة لتبرير الخطأ والتهرب من المواجهة والمسؤولية، ولكن يولد ذلك ألماً يدفعنا إلى التصادم مع الآخر وبالتوقف عن لوم الآخرين سيغير من سلوكياتنا، وبالتالي سنكون أكثر راحة. فلكل منا جانب مظلم، وعند التعامل مع الآخر لا تُظهر شعاعك وتتوارَ عن ذاتك، بمعنى لا تُسقط ما بداخلك على الآخرين، بل كن متعاطفاً معهم.

سلوكيات سلبية
عش المشاعر كما هي، لا تدارِ ألمك بالضحك أو التعالي، كن متسامحاً مع مشاعرك المؤلمة من دون الهروب منها، ولتتجاوز ذلك الألم ردد عبارة «أنا لست الوحيد في هذا العالم، بل هناك الكثير ممن يواجهون هذا الألم والإحباط والخوف»، وعش اللحظة هنا والآن؛ لذا، لا تدارِ أحزانك والمواقف المحبطة بداخلك، حتى لا تتراكم وتسيء إلى ذاتك مع الوقت، تعلم الكتابة أو التحدث مع شخص قريب حتى تتخلص من الضغوط التي ستتولد وتشعرك بالحزن والألم وبالتالي تجعل سلوكياتك سلبية مع ذاتك ومن ثم مع الآخرين.

استشارة
• تستشيرني إحدى المدرسات الفاضلات عن طريقة التصرف مع إحدى طالباتها التي تتعرض للعنف الجسدي على يد والدتها، الطالبة في عمر 10 سنوات، تعيش مع أختها ووالدتها في بيت جدتها بعد انفصال والديها، وكما تقول المدرسة: إن الطالبة كانت حيوية نشيطة اجتماعية، ولكن مؤخراً بدأت وحيدة ومهملة ومستواها الدراسي تراجع كثيراً، والطالبة تحدثت معها مؤخراً وتحتاج إلى مساعدة حقيقية؟
- في حالة كهذه لا يحبذ التعامل مع الطالبة بشكل مباشر، أولاً لأنها طفلة، يجب عزيزتي أن يكون ولي الأمر على علم بذلك، ولمساعدتها يمكن أن تتواصلي مع مؤسسات حماية الطفل وسيتعاملون مع الطالبة وأسرتها بسرية تامة، ولكن لا بد من رأي وموافقة ولي الأمر.