بدأ الملحن طلال مشواره الفني في مطلع الثمانينات الميلادية، وبالتحديد عام 1982 بأغنية وطنية للفنان طلال مداح، كانت عربون مودة وصداقة وتعارف له بالوسط الفني بعد أن حصن نفسه بالمعرفة والإطلاع والممارسة الموسيقية كعازف، انطلق بها يمخر عباب البحر الغنائي الواسع، ومد يده لجميع منسوبي الوسط الغنائي السعودي نجوماً ومواهب، وقدم لهم نفسه كملحن بل وتعاون مع الجميع بكل حب وطموح، الأمر الذي يكشف أن في جعبته الكثير، وهو الذي قد أعلن قدومه عبر حنجرة الفنان السعودي الأول طلال مداح الذي تفتّح على فنه بل وتربّى عليه وأصبح مثله الأعلى واستمر في تعاوناته معه.


إذ قدم له فيما بعد أغنية «زلزليني» في عام 1983، وفي عام 1984 كانت المفاجأة الكبرى، عندما استمر في التعاون مع الفنان الأول وقدم أقوى إنتاجاته الموسيقية كملحن في سلسلة أعمال هي «قصت ظفايرها، منهو حبيبك، نجمة ونهر، اشتقت لك يا فرحة العمر، تمنيت من الله، يا ناس الأخضر لالعب»، إضافة إلى أغنية قديمة تمت إعادة تسجيلها بتوزيع حديث هي «تعلق قلبي»، وقد أحدث هذا الألبوم ضجة كبرى ومبيعات هائلة عند نزوله. وامتد تعاونه في الوصول إلى الفنانين الآخرين ومنهم رابح صقر وراشد الماجد ومحمد عبده وعبادي الجوهر وعلي عبد الكريم ومحمد عمر وحيدر فكري، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لعب دوراً كبيراً في انطلاقة الفنان رابح صقر وراشد الماجد، ونظراً إلى اتساع نشاطه قام بتأسيس شركة للإنتاج الفني، وارتبط بجدولة إنتاج مبرمجة على مدار العام، بينما يتوالى انضمام العديد من الفنانين إلى شركته الفنية، وبخاصة فنانو دول مجلس التعاون الخليجي، أمثال الفنانين: عبد الكريم عبد القادر وعبد الله الرويشد ونبيل شعيل ورباب، ومن الفنانين العرب الفنانتان وردة وميادة، ومع مرور الأيام ازدادت موهبته الموسيقية نضجاً وتلمس ظهور الكثير من المتغيرات كمفاهيم جديدة في ساحة الأغنية، ناهيك عن ظهور أجيال جديدة من الملحنين بأفكار جديدة أيضاً، وبعد أن أمضى قرابة العقدين من الزمن في عالم الأغنية كملحن، عرفه الوسط الفني بصورة جلية وترك أثراً واضحاً في تعاوناته مع الفنانين، إذ لا يزال الجميع يذكرون ألبوم «سيدي قم» مع الفنان طلال مداح في عام 1986 الذي حقق مبيعات كبيرة جداً تجاوزت 600 ألف نسخة، وألبومه المميز مع الفنان محمد عبده عام 1987 الذي تضمن أربع أغانٍ، منها «لا تسرق الوقت، أنا حبيبي بسمته تخجل الضي، ليالي نجد، هلا بالطيب الغالي» والأغنية الفلتة «بنلتقي» للفنان علي عبد الكريم وأغنية «عشقت حرف العين» للفنان محمد عمر، وأغنية الفنان راشد الماجد «دنيا حظوظ»، وبالنظر إلى ما تقدم، نلمس أنه قد شكل إضاءات مفصلية في مسيرة الفنانين المشار إليهم أعلاه.


بعد ذلك آثر أن يقوم بإعادة مراجعة لمحصلة عطائه من الأعمال الموسيقية، وأن ينتزع لنفسه فترة راحة وأن يبتعد من أجل استعادة الهدوء وممارسة التأمل وتقييم ما سبق مع نفسه، وهي خطوة جريئة قام باتخاذها في قمة توهج عطائه الموسيقي كملحن. وكأني به قد توصل إلى ضرورة الانطلاق إلى مرحلة مختلفة من العطاء الموسيقي، وتقديم لمسة مختلفة تعزز ما تم تقديمه من قبل وتحقق إضافة نوعية في المستقبل على المديين القصير والبعيد، وبالفعل عاد الملحن طلال من جديد بهوية جديدة ورغبة أكبر وطموح لا حدود له، واضعاً أمام نفسه العمل على المحافظة على هوية الأغنية السعودية من الضياع وتقديم شخصية فنية رصينة تعكس حالة النضج التي يعيشها، فقدم مع عبادي «سامحني حبيبي» كعنوان جديد للمرحلة الراهنة، وقدم مع نجاة الصغيرة «كل الكلام قلناه»، ومع محمد عبده «رماد المصابيح»، ومع ماجدة الرومي «عندما يأتي المساء»، وأخيراً مع حسين الجسمي في باكورة تعاونهما في ألبوم يضم 8 أغانٍ ومازال يواصل إبداعه بصمت.