الإماراتية سلامة محمد.. زوجة وأم ومؤثرة عبر منصات «التواصل الاجتماعي»، لها بصمتها الخاصة في تعاطيها مع حياتها التي تشرك متابعيها بتفاصيلها. لا تهاب تسمية الأشياء بمسمياتها، لذا صدمت متابعيها إيجابياً عندما صارحتهم بمرض «البُهاق» الذي «يزيّن» أجزاء من وجهها وساقيها، وعندما حدثتهم عن نجلها عبد الله المصاب بـ«التوحد».

بأناقتها تطل سلامة بشكل شبه يومي، على متابعي صفحاتها على الـ«سوشيال ميديا»، لتتحدث معهم وتناقشهم في يومياتها وطرق تعاملها مع مرضها أو مع نجلها عبد الله، أو لتخبرهم تفاصيل حياتها الأسرية والشخصية بشكل راقٍ، بعيداً عن الإسفاف وتخطي الخطوط الحمر، ولكل هذه الأسباب كسبت احترام ومَودّة جمهورها، وتعاطفهم معها في مرضها ومرض ابنها، وأصبح البعض ينتظر آخر أخبار هذه العائلة السعيدة، بعين الأمل والاطمئنان والتفاؤل.

• متابعوك عبر الـ«سوشيال ميديا» يعرفون أنك أم لولدين هما: خليفة (9 سنوات) وعبد الله (7 سنوات)، فلماذا اخترت أن يكون عبد الله معك على غلاف «زهرة الخليج»؟
كأمّ، لا أفرّق بين ابنيّ، لكن عبد الله يشكل لي حالة حب خاصة، وهو ما أجده في الاثنين وأحبهما بالطريقة ذاتها، ولكن يبقى لعبد الله تلك المكانة الخاصة بسبب ما يعانيه.

• كيف تتعاملين مع «التوحد» الذي أصاب عبد الله وهل تأقلمت معه؟
قبل أن يتم تشخيص حالة عبد الله، لم أكن أعرف ماذا يعني «التوحد»، وبعد أن بدأنا رحلة البحث عن هذا المرض وطرق علاجه، عرفنا أن التوحد هو مشكلة تواصل ليس أكثر بين المريض ومحيطه، إذ يجد المصاب صعوبة في التواصل مع الآخرين. أما من الناحية الطبية، فالتوحد هو مشكلة تفاعل مع المجتمع أو تعاطٍ مع المحيط بشكل مختلف، بمعنى كيف يتعامل مرضى التوحد مع مجتمعاتهم، وكل طفل مصاب بالتوحد يختلف عن غيره بحسب درجة إصابته، أي أنك لا تجد طفلين مصابين بالتوحد يعانيان الأعراض نفسها، أو يتعاملان بالأسلوب نفسه مع الآخرين.

تعاون
• كيف يتعامل عبد الله مع أخيه الأكبر خليفة؟
عبد الله يحب خليفة جداً، وأنا كأم استطعت التواصل مع عبد الله من خلال خليفة، فعندما اكتشفنا المرض، بدأت المشرفة الطبية بإعطائي تعليمات مهمة للتواصل مع عبد الله، من خلال إرشاده بصرياً إلى الأمر الذي أريد الحديث عنه، وخليفة تعلم التعامل مع عبد الله تلقائياً، وحالياً إن أردت أي شيء من عبد الله ولم يستمع إلي، أستعين بخليفة؛ لأنه دائماً متجاوب معه ويحبه جداً.

• هل يدرك خليفة مرض شقيقه؟
يعرف أنه مريض، لكنه لا يدرك الأمر فعلياً لأن عمره تسع سنوات فقط، وأنا أنتظر إلى أن يصل خليفة إلى عمر معين، أستطيع من خلاله مناقشته حول مرض أخيه بعمق وتوسع.

• وما شكل علاقة عبد الله بوالده خالد؟
هي مزيج من الأبوة والرحمة والطمأنينة والثقة، فعبد الله معتاد بشكل يومي على أن يلعب مع والده، ويرافقه أيضاً في شراء مستلزمات المنزل، ويقضيان وقتاً مسلياً أشاركهما أنا وخليفة فيه.

مصارحة
• لا تترددين في الحديث حول الوضع الصحي لنجلك عبد الله، في الـ«سوشيال ميديا» أو الإعلام. فهل من هدف وراء ذلك؟
علينا تغيير نظرة المجتمع حول «التوحد»، فأنا من واقع تجربتي لا أعدّه مرضاً، بل هو تحدٍّ في التواصل، وبمنظور المجتمع بطريقة رحيمة، بعيداً عن تعقيدات عدم القدرة أو استحالتها عند البعض في التعاطي مع مرضى التوحد، فحينما نتكلم مع أطفال التوحد ونتواصل معهم، نعرف أنهم يتمتعون بذكاء وعبقرية مدهشة، لا أستطيع وصف هذه المشاعر عندما أتحدث عن عبد الله، عندما تُتاح لي الفرصة للتعريف بابني وإيجاد الوقت الكافي معه، وتأتيني رسائل كثيرة من أمهات حول عدم معرفتهن التعامل مع أبنائهن، ودائماً أنصحهن وأدلهن على طرق مبتكرة للتعامل مع هؤلاء الأطفال.

• كيف يكون رد فعلك مع الذين لا يُجيدون التصرف مع عبد الله؟
هو موضوع حساس جداً، حيث إن عبد الله إلى جانب توحده، هو عالي الأداء ونشيط جداً، فعندما تراه تجده طفلاً عادياً، بينما التعامل معه صعب جداً عن باقي الأطفال، وعندما أجد من يتضايق منه، عندما يصرخ أو تزداد حركته، أحاول أن أشرح كيفية التواصل معه وأتحدث عن مرضه معهم.. فيبدؤون بالتغير.

• ما نصيحتك للأهالي من حيث كيفية اكتشاف التوحد، وكيفية التعاطي معه؟
اكتشاف التوحد، يبدأ من تميّز الطفل واختلافه عن باقي الأطفال، إذ كانت أبرز الملاحظات حول عبد الله في عمر سنة، بأنه لا يسمع ولا يتواصل بصرياً في الحضانة، وكان وقت الغذاء ينزوي مع ألعابه بعيداً عن زملائه، وعندما وردتنا هذه الملاحظات من مربيته، عرضناه على أطباء عدة من دون أن نخرج بتشخيص محدد، لأن عبد الله عالي الأداء، وهذه الحالة صعب أن تُشخّص قبل سن الخمس سنوات، مثلما حدث معنا وعرفنا متأخراً، والتشخيص يختلف من طفل إلى آخر، لا توجد حالات متطابقة، وفي حالة عبد الله الأمر أخذ منا وقتاً طويلاً لتشخيصه، ونصيحتي إلى الأمهات أخذ الوقت والصبر للتعرف إلى طفلك، لإتاحة الفرصة للتواصل معه ودخول عالمه.

• ماذا تقولين عن ابنك البكر خليفة؟
هو «حبيب ماما» وعلاقته مع شقيقه عبد الله رائعة، هما صديقان حميمان، فخليفة متحدث جيد وعبد الله كثير الحركة، وعندما يندمجان معاً يخلقان أجواء رائعة، خليفة سيبلغ الـ10 أعوام قريباً، ومن الصعب جداً إقناعه بالعدول عما يريده، وعنده رأي ثابت دائماً، إضافة إلى أنه يحب الطبخ، ويعشق التصوير مثل والده، ويرافقه في التصوير ويقف وراء الكاميرا.

المزيج المفقود
• تظهرين أنت وزوجك عبر الـ«سوشيال ميديا» بشكل دائم.. فهل من رسالة وراء ذلك، وإلى ماذا تطمحان؟
أنا وخالد قررنا دخول عالم وسائل «التواصل الاجتماعي»، منذ أن كان زوجي مهتماً بالكتابة في بعض الصحف، ولكن مع انتشار منصات «التواصل الاجتماعي»، وجدنا أن هناك نقصاً في ربط المجتمع الإماراتي مع المجتمعات الأخرى، وعندما وجدنا هذا المزيج المفقود، حاولنا بناء الثقافات بجسر واحد، حيث أوصلنا صورة الإمارات بتقاليدها وثقافتها إلى جميع المجتمعات. وبدأنا بتغيير نظرة المجتمعات الأخرى إلى الإمارات بشكل إيجابي.

• تنقسم آراء الناس من مُتابعيكم كعائلة، ما بين مؤيد ومنتقد، خاصة عندما كشفت عن إصابتك بمرض «البُهاق»، وإصابة نجلك بالتوحد.. كيف ترين ذلك؟
صدقاً وبكل صراحة، لا نجد كعائلة وقتاً للطاقات السلبية، والجميع لهم الحق في إبداء آرائهم، ونحن نحترم كل الآراء سواء السلبية أم الايجابية، وشخصياً لدي حياتي وأبنائي لبذل طاقتي لهم، ولا أقول غير كلمة (شكراً).. فلا أملك الوقت لقراءة ما يزعجني والرد عليه.

• من خلال تجربتك، هل الـ«سوشيال ميديا» طفرة، وإلى أي مدى ستستمر؟
لا أعلم إن كانت طفرة أم مستمرة، فالعالم كله يتساءل أين ستصل الـ«سوشيال ميديا»، وهل يمكن أن تنتهي؟ ولكنني أرى أنها أخذت مكانها الحقيقي باستكمال قيمة الأخبار والإعلام، كمرجع للمتابع الذي يتوجه إلى التأكد من المعلومة في الـ«سوشيال ميديا».. فوسائل «التواصل الاجتماعي» صارت جزءاً مكملاً للإعلام التقليدي.

مصممة مجوهرات
• فضلاً عن كونك مؤثرة اجتماعية، أنت أيضاً مصممة مجوهرات، فلماذا اخترت المجوهرات تحديداً؟
جدي كان «غوّاصاً» يبحث عن «اللؤلؤ»، وهذا الأمر بالنسبة إليّ جزء من تقاليد عائلتي ويرتبط بتكويننا الأسري، والآن تم استبدال اللؤلؤ بالألماس والأحجار الكريمة الأخرى، فأحببت من خلال هذا الخط من المجوهرات الذي أسسته، أن أعود إلى أساس الزينة الأول من حيث عاداتنا وتقاليدنا، ولأن جدي هو من روّاد هذا العمل سابقاً، ارتأيت أن أكمل المسيرة وأغير النظرة إلى اللؤلؤ، لهذا تجد منتوجاتي وإن كانت خليطاً بين الذهب واللؤلؤ، إلا أنني أصنعها بسعر معقول ليمتلكها أي شخص.

• هل من خطط عائلية قررتم الشروع بها في أيام شهر رمضان المبارك؟
أنهيت أنا وخالد، بمشاركة فريق العمل الخاص بنا، تجهيزات الموسم الثاني من برنامجنا «رمضان شو» الذي نبثّه على تطبيق «فيسبوك»، والبرنامج سيكون عائلياً اجتماعياً وإنسانياً في الدرجة الأولى. أما عائلياً، فنحاول الحفاظ على روتين الأيام العادية من أجل أطفالنا، ولأن رمضان يحمل عادات مختلفة وطقوساً روحانية، سنحرص على أن نجهز وجبات الطعام مع بعضنا بعضاً، فضلاً عن اهتمامنا بالتواصل مع الأهل والأصدقاء.

عالم الحيوانات
تشير مصممة المجوهرات والمؤثرة في الـ«سوشيال ميديا» سلامة محمد، إلى أن نجلها عبد الله متعلق جداً بعالم الحيوان، وبأنه يمتلك مئات الدمى والألعاب الخاصة بالحيوانات، وتضيف: «عبد الله يعيش مع حيواناته ويتحدث معها ويلعب بها لساعات طويلة، وهو يجد نفسه في هذا العالم الذي يقضي فيه أوقاتاً طويلة».

طفلي الثالث
حول علاقتها بزوجها خالد العامري، تقول مصممة المجوهرات والمؤثرة في الـ«سوشيال ميديا» سلامة محمد: «خالد هو طفلي الثالث، هو حبيبي، وعلاقتنا تتجاوز العلاقة التقليدية بين الأزواج، فنحن أصدقاء، والوقت الوحيد الذي تجدنا فيه جدّيين مع بعضنا بعضاً، يكون إذا تعلق الأمر بأبنائنا، أما باقي الوقت فنمضيه باللعب والضحك والفكاهة».

الوقت الكافي
تطلب مصممة المجوهرات والمؤثرة في الـ«سوشيال ميديا» سلامة محمد، من كل أم بشكل عام، وخاصة الأمهات اللواتي يعاني أولادهن أي مستوى من مستويات «التوحد»، منح أنفسهن الوقت الكافي لتفهّم أبنائهن ومتطلباتهم، موضحة: «مريض التوحد يصعب عليه التعبير عن نفسه بالكلام، حتى إن كان قادراً على النطق بشكل سليم، والأمر لا يلزمه سوى الصبر الطويل وإعطاء الطفل كل الوقت المطلوب، حتى يبدأ بالتعبير عن نفسه، وبالتالي يتخطى مراحل المرض تدريجياً».

إقرأ المزيد:

أمهات شهيرات لأبناء مصابين بالتوحد