كثر الحديث مؤخراً عن الأخلاق، وأصبح الكثيرون يلاحظون التجاوزات بين البشر وعلى جميع المستويات والأعمار وبمختلف المجالات. ولأن الكثيرين يعتقدون أن الغاية تبرر الوسيلة دفعهم ذلك إلى ارتكاب الأخطاء وتجاوز الأخلاقيات من دون تردد. وهنا أسترجع مقولة لأحد المتخصصين في أخلاقيات الأعمال التجارية حين قال: «إن الناس يعتقدون أنهم سيتصرفون أخلاقياً في موقف معين، لكنهم لا يفعلون ذلك. فنحن عندما نتوقع كيف سنتصرف تجاه هذا الموقف فإننا نفكر بشكل تجريدي، ولكن عندما نتخذ القرارات بالفعل، فإننا نفكر بشكل ملموس للغاية، وننظر في الجدوى والمصلحة».
بدأنا نلاحظ بعض الأشخاص يتطاولون على من لا يتفق مع رأيهم بأساليب لا أخلاقية وبالذات على مواقع التواصل الاجتماعي، ونلاحظ أن حالات الغش والكذب والخداع والاعتداء والسب والسرقة والخداع والخيانات أصبحت مكررة وبنسب عالية، لذا فالوضع كمراقبين لا يبشر بالخير، بل هو مؤشر خطير إلى مقياس تدني الأخلاق وللأسف نطمح الآن إلى القضاء على هذه المشكلة.
في جميع المهن هناك أخلاقيات يجب الالتزام بها وعدم اختراقها، وإذا حدث وتجاوزها أحد المهنيين فلا بد من تقديمه للمساءلة وقد يقع عليه عقاب قد يصل إلى عدم السماح له بمزاولة مهنته. وأهم من ذلك هي محور مهم لجميع الديانات والثقافات وتعتبر الأخلاق مهمة فهي مبادئ توجه سلوكنا إلى الحفاظ على الحقوق والواجبات المنصوصة بأي مجتمع. وباختصار، الأخلاق هي معتقدات وسلوك وشجاعة، هي قيم ومبادئ شخصية، هي قناعات هي رمز يمنحنا نظرة ثاقبة حول كيفية اتخاذ القرارات لسلوك معين.
والسؤال: لماذا الأخلاق مهمة؟ لتمكننا من الحفاظ على علاقات هادفة يسودها الاحترام والخصوصية، والانضباط الذاتي، والتحكم في الانفعالات والرغبات والاتزان النفسي، حيث يمكن فلترة ما نود ونرغب، وبين ما يجب ويلزم. وللعثور على الشجاعة في سرد القناعات، ولضبط النفس أمام المختلف في الرأي وأمام المغريات غير المحدودة كالاستهلاكية والسلوكية.
أما الضمير الأخلاقي والذي يحرك البشر ويدفعهم إلى اتخاذ القرارات فهو متطور خلال الحياة، والبداية في مرحلة الطفولة «الامتثال للقواعد»، وهذه مرحلة مهمة في تطور الأطفال الصغار، وإنه أيضاً شيء جيد باعتدال للبالغين. تساعد القواعد على حمايتنا من أولئك الذين ليس لديهم ضمير أخلاقي أو لحمايتنا من الخطر. مع تقدمنا في السن والبدء في التفاعل والتواصل مع الآخرين نتعلم أنه من الجيد أن نشارك أشياءنا وأن نكون لطفاء.
المرحلة الثانية من التطور الأخلاقي هي «الضمير الاجتماعي»، ما هو الصواب هو الأفضل للآخرين. إذا كان الامتثال للقواعد مرتبطاً بالبيئة الخارجية، فإن الوعي الاجتماعي يدور حول التفاعل ثم الضمير المبدئي أو النزاهة داخلياً، وكأنها بوصلة أخلاقية.
والمرحلة الثالثة هي «فلسفتنا الأخلاقية الناضجة»، حيث يتم تعريف ما هو صحيح من خلال الفضائل الأخلاقية مثل الشجاعة والإنصاف والانضباط الذاتي. ويؤمن الشخص هنا بفعل ما هو صواب، لا يتعلق بالسعادة الشخصية أو المصلحة الذاتية، بل يتعلق بممارسة الفضائل مثل الشجاعة والانضباط الذاتي، والنزاهة والصمود في المواقف والمبادئ حتى وإن تعرضنا للنقد، وتخطي مخاوفنا تجاه الآخر، وهنا قد نقدم بعض التضحيات من أجل ما نؤمن به.

استشارة
• لديّ صديقة، ومنذ أشهر تعرفت إلى إحدى زميلات العمل وتقربت منها كثيراً، كنا نلتقي ولكن ليس كالسابق، ونجتمع لدى إحدى الصديقات بين وقتٍ وآخر. وفي الفترة الأخيرة بدأت ألاحظ عليها بعض السلوكيات غير السوية ومع الوقت اكتشفت أنها تتعاطى الكحول وتدخن الشيشة بكثرة، مما أثر في إنتاجها في العمل وابتعادها عن مجموعة الصديقات القديمات. أريد أن أساعدها لتتخطى هذه المشكلة، ما الحل؟

- أقدر صداقتك ومحاولتك البحث عن حل، ولكن في مثل هذه الحالات لا تستطيعين مساعدتها وحدك، تستطيعين دعمها، ولكن يجب أن تخبري أحد أفراد عائلتها لاتخاذ ما يلزم، ففي علاج مشكلة التعاطي يفضل أن تزور المريضة أحد المراكز المتخصصة في علاج التعاطي أو الإدمان حسب وضعها.