لا أعلم كيف أشرح ذلك، ولا أظن أن بإمكان أحد، في موقف مشابه، أن يعثر على ذلك الخيط، الذي يقود من العدم إلى حال ما في حياته. حين كنت في الـ19 من عمري تقريباً، سُئلت عن ما أريد أن أكون في المستقبل، فأجبت بأني أود أن أصير كاتباً. لم أؤجل الأمر طويلاً في سبيل تحقيق ذلك الهدف، بما أنني نشرت رواية بعنوان «أرض الخطيئة»، عندما كنت في الـ24 فقط، لكن خلال السنوات الـ20 التالية أو ما يساويها، كتبت القليل ولم أنشر شيئاً. وللمفارقة، بحلول الوقت الذي عادت فيه الكتابة نشاطاً اعتيادياً بالنسبة إلي، لم تعد تلك الرغبة بأن أكون كاتباً بذلك الوضوح في بالي، فأبقيت على النشر والكتابة كعادتين بسيطتين دون مشروع واضح الملامح ليقودني. بحلول عام 1974، عام الثورة التي أنهت حوالي خمسين عاماً من الديكتاتورية في البرتغال، نشرت ستة كتب فقط.. تلك الرواية التافهة والمنسية تقريباً، ومجموعتين شعريتين، وثلاث مجموعات من مقالات الجرائد، كما نشرت كتابين مبكرين الأول بعنوان «كتاب الرسم والخط» والثاني «حيوات الأشياء» عام 1975.
في أواخر عام 1975، طُردت من منصب المدير المساعد في جريدة «دياريو دي نوتيسياس» (الأخبار اليومية) الذي شغلته عدة أشهر لأسباب سياسية، فخطر ببالي وقتها أني إذا أردت أن أكون كاتباً، فهذا الوقت المناسب للبدء. بعد بضع أسابيع، عرفت هدفي في منطقة ألينتيخو النائية، وتمخضت تلك التجربة عن رواية «ثورة الأرض» المنشورة عام 1980، فآمنت أخيراً بأن لدي ما يستحق القول. في عام 1982، عندما كنت في الستين من عمري فقط، نشرت «بالتازار وبيلموندا»، فصرت الكاتب الذي تمنيت أن أكونه، وعندما أُسأل عن كيفية وصولي إلى هذه المرحلة، لا أجد إجابة إلا هذه الجملة «إنني لا أكتب فحسب، بل أكتب ما أنا عليه»، ولو كان هناك سر في الكتابة، فلربما أن هذا هو.