ماذا لو قصدتم الطبيب لسؤاله عن هذا الكم الهائل من التعب الذي يجتاحكم، وعن سبب خسارة الوزن السريعة واصفرار السحنة الظاهر؟ وماذا لو شخّص لكم السبب: هو داء القبلات!

القبلة دلالة حب وود، وهي ضرورية في كل مرحلة من مراحل النمو ولها أنواع: قبلة الجبين والخدين والشفاه. هي قبلة الحب والعاطفة والاشتياق والغرام والحنان والسعادة والتحية والتقدير والاحترام. هذا ما نعرفه عنها، لكن ماذا لو أصبحت قبلة المرض؟
فماذا عن داء القبلات أو ما يعرف علمياً بمرض «المونونيوكليوز»؟
هو صحيح داء القبلات، لكنه قد ينتج إثر تناول الطعام أو شرب القهوة في أوعية ملوثة بلعاب إنسان يعاني هذا المرض. وهو مرض فيروسي يصيب الجهاز التنفسي والغدد اللمفاوية، وينتقل عبر اللعاب أو الرذاذ الذي ينفثه حامل المرض في وجوه الآخرين. وهو ليس خطيراً، لكن أعراضه مقلقة جداً، وتجعل المصاب قبل أن يعرف ما به يخال أنه مصاب بمرض عضال لا شفاء منه.

فيروسات الفم
الفم هو موطن مئات الكائنات الحية الدقيقة المختلفة. وخطر انتقال الكائنات المعدية من شخص إلى شخص آخر عبر اللعاب منخفض جداً؛ لأنه يحتوي على أجسام مضادة وأنزيمات تقلل من خطر انتقال العدوى، لكن، على الرغم من هذا، قد يحصل أن يصاب أحدهم بفيروس القبل الذي قد ينتقل بطريق الخطأ، عن طريق اللعاب، إما عبر قبلة تسبب انتقال الداء من الفم إلى الحلق فالرئتين، أو عبر تقاسم استخدام فرشاة الأسنان الواحدة، وهذا أمر محفوف بالمخاطر، خصوصاً لدى شخص يعاني ضعفاً في الجهاز المناعي.

يؤدي السعال والعطس في الوجوه، أو مشاركة تناول الطعام نفسه في الطبق نفسه، أو الشرب من الكوب نفسه، إلى الإصابة بفيروس «إبشتاين- بار» الذي ينتشر عبر اللعاب، لهذا يُسمى «داء القبلات». وأكثر الأشخاص عرضة له هم ما دون سن السابعة عشرة، لكن الإنسان، أي إنسان، قد يتعرض له في أي سن. وأبرز أعراض الداء الإصابة بحمى وبالتهاب في الحلق، وبتورم الغدد اللمفاوية، وقد يؤدي أيضاً إلى ظهور تورم في الطحال. أتخالون أن قبلة قد تفعل بكم كل هذا؟

95% يصابون به

طبيبُ العائلة قادر على اكتشاف الحالة. وتشير الإحصاءات إلى أن 95 % من الأشخاص يصابون بسلسلة كريات الدم البيضاء المعدية أو الأحادية «المونونيوكليوز»، مرة على الأقل في حياتهم. نذكركم أن هذا الداء الذي نبسط تسميته بداء القبلات أو بفيروس «إبشتاين- بار» هو نفسه الذي يسمى علمياً «داء الوحيدات». فلا تهلعوا إذا استخدم طبيب يعالج أحد أفراد العائلة التي تنتمون إليها أحد هذه الأسماء فكلها تعني الداء نفسه.
هل هو داء القبلات ما نشعر به أو أي شيء آخر؟

سؤال يتكرر في أذهان كل من يشعرون الآن بالذات بتعرق ليلي، وارتفاع في الحرارة، وإعياء، ونقص في الوزن، وظهور تضخم في الغدد اللمفاوية حول الرقبة، وبطفح جلدي. وكلها أعراض هذا الداء.. فكيف يتأكدون فعلاً من طبيعة إصابتهم؟

طبياً، قد يصاب الإنسان بهذا الداء من دون ظهور أي أعراض، وقد تستمر الأعراض إذا ظهرت، أسابيع عدة، وتؤثر بشكل هائل في نوعية الحياة والدراسة والأنشطة المتنوعة، ويكون التأكد من نوعية المرض، في شكل حاسم جازم، بإجراء فحص دم متاح يحدد عدد كريات الدم البيضاء ويتركز العلاج غالباً على أخذ قسط من الراحة، ووصف بعض الأدوية البسيطة، لكن يُصبح من الضروري التنبه أكثر في حال لاحظ الطبيب ترافق هذه الحالة مع مضاعفات نادرة، قد تشمل مشاكل في الكبد أو انخفاض عدد الصفائح الدموية أو ظهور مشاكل في الجهاز العصبي.

لا للأسبرين
لا تنفع أدوية المضادات الحيوية في علاج «داء القبلات» كونه ينتج عن عدوى فيروسية. لهذا قد يفيده الإكثار من تناول السوائل والراحة، أما في حال كان المصاب طفلاً، فيجب الامتناع كلياً عن إعطائه الأسبرين خشية أن يؤثر هذا سلباً فيه، ويصاب بـ«متلازمة راي» التي تتطور أحياناً لدى الأطفال الذين يصابون بعدوى فيروسية. بكلامٍ آخر، إذا كان المصاب طفلاً لا تخطوا بأي عمل طبي قبل سؤال الطبيب، واكتفوا في الطلب منه «الغرغرة» بمياه مالحة لتهدئة التهاب الحلق، وحثه على تجنب ممارسة الألعاب الرياضية مدة شهر، خشية أن تتسبب الرياضة بتمزق الطحال بسبب الورم الذي أصابه بفعل داء القبلات. هي فترة وتمر ويعود الطحال إلى حجمه الطبيعي.

وماذا بعد؟
هناك أمراض قد تفاجئنا كما تفاجأ من قيل له إن الداء الذي أصابك هو «داء القبلات» لكن تبقى كل الأمراض تحت السيطرة إذا فهمنا طبيعتها وأدركنا أن «من الحب ما قتل». فليكن كل شيء في حياتنا باعتدال، ولتكن النظافة عنواناً لنا.

أعراض «داء القبلات»
قد تمر ستة أسابيع، قبل أن يبدأ ظهور أعراض «داء القبلات» عند الشخص المصاب، وعلى الرغم من أن معظم هذه الأعراض تزول من تلقاء نفسها خلال أربعة أسابيع، غير أن الشعور بالإرهاق وتورم الطحال يحتاجان إلى وقت أطول للشفاء. وأبرزها:
• تعب مستمر.
• حمى.
• التهــاب الحلــق وظهـــور بقـــع بيضــاء.
• آلام العضلات.
• صداع شديد.
• ضعف الشهية.
• تورم الكبد أو الطحال.
• تورم الغدد اللمفاوية حول الرقبة أو تحت الإبطين.