ما زلت أذكر لحظة إعلان الإمارات إنشاء وزارة للسعادة، عام 2016، وفي ذلك الوقت كان الجميع، خارج الإمارات وداخلها، في حالة انبهار من هذا السبق الجديد، وهو أمر غير مستغرب على قيادتنا الحكيمة، التي عودتنا دائماً على رؤية سابقة لزمانها، وكان الجميع يحاول ربط فهمه لدور وزارة السعادة باحتياجه ومفهومه لما يمكن أن يسعده.
حضر هذا في ذهني خلال افتتاحي مؤخراً لفعالية أسميناها «ملتقى المدن السعيدة»، بمشاركة أكثر من 30 جهة حكومية وخاصة، وكانت فكرتها بسيطة، هي عرض كل جهة لما نجحت في تحقيقه لإسعاد جمهورها الداخلي والخارجي. وكما عودتكم في مقالاتي أنا لست بصدد عرض تفاصيل فعالية، ولكن أن أشارككم نقطة جوهرية استوقفتني ويجب أن ننقلها على مستوى الأسرة، لتصل إلى المؤسسات بشكل طبيعي.
ما تم عرضه من إنجازات، كان ثمرة مجموعة من صنّاع السعادة، الذين انضموا إلى فريق أطلقناه نحن في «دبي الذكية»، تحت مسمى (أبطال السعادة)، وهم مجموعة من موظفي القطاعين العام والخاص، من مديري السعادة التنفيذيين والموظفين الذين تم تكليفهم بملف السعادة في جهاتهم. وهي مبادرة أطلقناها منذ أكتوبر 2016.
النقطة الجوهرية، هي أن أبطال السعادة أصبحت لديهم لغة مشتركة أسميها أنا (لغة السعادة)، على الرغم من تعدد الجهات التي يمثلونها، وصحيح أننا ابتعثناهم في برامج تدريب دولية، للاطلاع على تجارب عالمية مثل «ديزني» و«برنامج تصميم المدن في الدنمارك»، ولكن العامل الجوهري لنجاحهم في الارتقاء بسعادة زملائهم داخلياً وسعادة المتعاملين، هو أنهم يعملون من قلبهم، ويؤمنون بأن السعادة ممكنة، ولم يبحثوا عن نماذج جاهزة، بل صنعوا ما يناسب بيئتهم، انطلاقاً من الأسس العلمية لأجندة السعادة، التي وضعناها في «دبي الذكية»، وتتكامل مع البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة، وملف السعادة، الذي تقوده معالي وزيرة السعادة عهود الرومي.
ولكن القيمة الكبرى لهذه التجربة والإنجاز، هي في إثبات أن السعادة النوعية ممكنة، مهما كانت الإمكانات بسيطة، وهو ما يمكننا نقله على مستوى الأسر، فإن تمكّن الوالدان من تحفيز بيئة السعادة لدى الأبناء، وأخذ أحدهما أو أحد الأبناء دور بطل السعادة، فبالتأكيد سيصبح لدى كل أسرة لغة مشتركة للسعادة، وسيعمل الجميع على تحقيق أهداف سعادة كل واحد في الأسرة. أعلم أن السعادة أمر نسبي لكنه ممكن، ولكن يجب أن نعثر على لغة سعادة يفهمها الجميع، سواء في المؤسسة الواحدة أم بالتكامل بين المؤسسات والأهم داخل الأسرة. فهل أنتم مستعدون لاستكشاف لغة سعادتكم؟