مصمم الأزياء اللبناني طوني ورد، شخص قليل الكلام، يسير وفق المثل القائل: «اعمل ودع الآخرين يتكلمون». ندخل دار أزيائه فنبهر باللون الأبيض الساطع، المتداخل مع الأثاث الفضي واللمسات الدقيقة، التي تجعل من المساحات فضاءات حية، مزروعة على جوانبها بفساتين مذيلة باسمه.

• ما جديدك في عالم الموضة، ونحن على أعتاب موسم صيف 2019؟
استلهمت مجموعتي الجديدة من الأزياء الجاهزة من عبث اللاشيء.. من بعض «الخربشات» البسيطة، التي ترجمتها إلى نمط وحولتها إلى مجموعة، وأطلقتها في كل من نيويورك وباريس، حيث تطغى عليها الأشكال اللامحدودة، المنحوتة بأحزمة وقصات هندسية وخطوط لا نهائية، هي مجموعة تضفي ميزة إلى الصور الظلية للأنثى.

• وما هي ألوانها الجديدة؟
تتراوح ألوان الموضة الجديدة، بين الأحمر الداكن والفضي والأرجواني الفاتح والأخضر الفاتح البلحي.

• كيف يختار مصممو الأزياء موضة الألوان العالمية؟
يجتمع مصممو الأزياء مرتين سنوياً، في فبراير وسبتمبر، ليستعرضوا (تراند) الألوان، وهذا ما يجعل معامل القماش تشتري الحرير وتلونه على هذا الأساس ووفق الرائج. هذا في العموم، لكن من جهتي كمصمم أزياء لبناني عربي، أشتري القماش الأبيض وألونه في (مشغلي)، وأقرر (تراند) الموضة الخاصة بمجموعتي، فثمة خطوط عامة تتكرر دائماً، تتمثل في اللونين الأحمر والفضي، كما اللونين الأبيض والأسود. وأعتبر أن ما يهم أولاً في عالم الأزياء، ابتكار ما نشعر به ليس ما يفرض علينا.

فساتين الأعراس
• ماذا بشأن فساتين أعراس 2019/‏2020، فهل من بينها تصاميم مجنونة أم هي بسيطة وأنيقة؟
أعرض مجموعتي من فساتين الأعراس الجديدة هذا الشهر في سوقين مختلفتين، هما نيويورك وميلانو. وفساتين ميلانو التي يبلغ عددها (20 فستاناً)، تختلف كلياً عن فساتين نيويورك وعددها (20 فستاناً) أيضاً، كوننا نقترب في كل مجموعة من ذوق امرأة مختلفة. ففي ميلانو مثلاً، نُحاكي العروس الأوروبية وعروس أميركا الشمالية، في حين أن فساتين نيويورك تُحاكي أكثر «العروس العربية»، وتلك المتحدرة من جنوبي شرق آسيا وروسيا. فالسوق العالمية الواسعة هي في نيويورك طبعاً. ميلانو وبرشلونة تعرفان بالأعراس الرومنطيقية، أما في نيويورك، فنتوجه إلى العروس التي تريد عرساً فاخراً جداً وبتكلفة أعلى.

• ماذا عن محبي «فستان العرس المجنون»؟
الموضة فيها كلها لمسة جنون، وفي الوقت نفسه تحمل الكثير من الواقعية. والجنون الأقصى تجدونه في «الكوتور» ولا يهمنا هنا، فهذا النوع من فساتين الأعراس تجد من سيشتريها، في حين تكون بقية الفساتين تجارية أكثر وتتوجه إلى زبونة معينة. لهذا لدينا خطان متوازيان لفساتين أعراس تلبي أذواق الزبائن المختلفة، ونحن الوحيدون الذين نعمل وفق هذه القاعدة، لأن زبائننا من أماكن عديدة. أما بالنسبة إلى جديد فساتين الأعراس، فأدخلنا إليها اللون الفضي الموجود بقوة، إضافة إلى الرمادي، الذهبي، الأزرق والأخضر.

ذوق المرأة العربية
• ماذا عن ذوق المرأة العربية؟ وما نقاط الاختلاف بينها وبين الأوروبية؟
هناك اختلاف حتى داخل الدولة الواحدة أحياناً؛ فالمرأة في جنوب إيطاليا مثلاً، تقترب من ذوق «العروس اللبنانية»، في حين أنها في شمال إيطاليا نراها تنشد بساطة أكثر. وكلما ارتفعنا في إيطاليا أكثر نحو الجبال، نراها تبحث أكثر عن فستان العرس القصير. وفي لبنان مثلاً، هناك عروس تُحب «الشك» وعروس لا تطيق «الشك». وهناك «العروس العربية» التي تأبى ارتداء فستان العرس، إذا كان وزنه أقل من 30 كيلوجراماً، في حين تطلب سواها الفستان الأنيق البسيط. لكن في الإجمال، المرأة في الخليج ولبنان كما في روسيا، بنما، كولومبيا، أميركا الجنوبية، كوريا، هونغ كونغ وسنغافورة تنشد الفستان المتميز الضخم، في حين تطلب «عروس اليابان» كما «عروس أوروبا»، الفستان الأكثر بساطة ونعومة، فكل عروس (ملكة) ولكل فستان حكاية.

• والدك كان خياطاً، وابنك يدرس «تصميم الأزياء».. فهل هذه المهنة في جينات آل ورد؟
لم أكن في صغري شغوفاً بهذه المهنة ولا متحمساً لها، وكنت أفضل عليها اللعب وخوض مباريات «كرة سلة»، لكن حصلت نقطة تحول في حياتي في سن الـ17، جعلتني أحول مساري، لكنني لا أزال شغوفاً بـ«كرة السلة» و«الشيطنة» ولا أهدأ.

فكرة
• هل تحتاج إلى ظروف معينة لتتبلور فكرة تعمل عليها ويتحقق إنجازها؟
أحتاج إلى مزاج جيد، وأحياناً أنجز في يوم واحد ما يستغرق في أحيان أخرى 10 أيام.

• هل نفهم أن هناك أوقاتاً تمر على مصمم الأزياء، يعجز فيها كلياً عن الابتكار؟
صحيح جداً، ومن يقول لك العكس يكذب؛ فمهنتنا تتطلب مزاجاً، وعملنا فيه «طلعات ونزلات». إنها مهنة صعبة.

• هل أحد أوجه صعوبتها أنكم تتعاملون مع نساء كثيرات، وإرضاء المرأة ليس سهلاً؟
لا. غير صحيح، أجمل ما في مهنتنا التعامل مع المرأة، لذلك سعادتي عارمة، فأنا حتى في إنجازاتي أستعين بالنساء أكثر من الرجال.

• هل هناك في مهنتكم أسرار تجعل بعضكم يحقق نجاحات يفشل فيها آخرون؟
لا أسرار في مهنتنا. إنها كمن يكتب أفضل من سواه؛ فهناك أشخاص أقلامهم جميلة ورقيقة، وهناك من يعجزون عن التعبير.

• كم عمر الموضة اليوم؟
بين شهرين ونصف الشهر، وثلاثة أشهر، في السابق كانت تعيش ستة أشهر.

• هل هناك بين تصاميمك، ما يتخطى تجدد الموضة وتسطع في كل زمان؟
ثمة تصاميم تبدو بالفعل «أبدية» وتصمد، والطلب عليها كثير.