بالنظر إلى القيمة الفنية العالية التي يملكها الشاعر بدر بن عبد المحسن، جراء حيازته لتجربة نجحت في الصمود والتصدي والاستمرار، على مدار أربعة عقود مرت، فإن تصدير تجربة بهذا المستوى إلى الرأي العام العالمي، عبر أهم وأبرز منظمة دولية تعنى بالثقافة والفنون والإبداع الإنساني في العالم، وهي منظمة اليونسكو الدولية، يعتبر تتويجاً حقيقياً لدور الفن والثقافة والأدب في أي دولة من الدول، وحافزاً إيجابياً لرسم الصورة الذهنية عن السلوك لأي شعب في هذه الحياة.
من هنا تأتي قيمة هذه النقلة النوعية المنتظرة، التي سجلها شاعر بحجم بدر بن عبد المحسن لتوثيق تجربته والوصول بها إلى مرحلة متقدمة، زد على ذلك أن إنتاج محتوى بهذا التميز يسجل لبلد الشاعر على مر التاريخ، وهنا الألمعية والبراعة، فالناس شاهدوا برنامج أمسية بدر بن عبد المحسن في اليونسكو، ومواضيع الأمسية الشعرية وتلك الفواصل التي ربطت بين جوانب العالم الأخاذ لتلك الليلة، التي عززت من دور وتأثير بدر بن عبد المحسن في المشهد الفني والثقافي، وحققت له رغبته في الوقوف على مشارف حلمه الأوحد، الذي ناضل من أجله لعقود زمنية طويلة، واستمات في ذلك ولعمري إنه في أمسيته في اليونسكو، وقف على ناصية الحلم الذي راوده يوماً من الأيام، وظل يعمل في داخله لسنوات طويلة، كان فيها صبره شاهداً على تطلعاته نحو مصافحة تجربته الشعرية للرأي العام العالمي، في مشهد مهيب أقل ما يقال عنه، إنه موكب الشعر البديع القادم من الشرق، بمشعل النور المعرفي للغرب. والتاريخ يشهد أن الفنان أياً كان فنه، هو من يمثل خلاصة أسلوب وطريقة أي شعب في الحياة.
في سياق العمل المكثف على تحسين الصورة الذهنية السعودية عالمياً، وتركيز الجهود الرسمية والشعبية على إعادة صناعة المحتوى في الشأن الثقافي والفني، واستثماره وتصديره عالمياً بمستوى متطور من المعالجة الفنية المثيرة، جاء سبباً لتقديم منتج مشرف عالمياً وإنسانياً عبر تجربة حقيقية، لشخص أصبح يمثل الواجهة المشرفة لهذا الجانب المشرق بالبهاء في المملكة العربية السعودية، فالمردود الكبير الذي تحقق من وراء وجود بدر بن عبد المحسن في باريس، وعلى منصة اليونسكو الدولية، والمكاسب المعنوية والفنية والثقافية الناجمة خلف إنجاز عمل ثقافي نوعي، سيكون مدعاة إلى الانطلاق نحو آفاق رحبة، في الانفتاح على العالم ثقافياً وإنسانياً واجتماعياً، على النحو الذي يؤسس لمرحلة من الوعي بضرورة تكامل الصورة الذهنية لما يجري في الداخل السعودي، من حراك نهضوي ملموس يقود البلاد إلى مستوى من التمدن والتحضر اللائق بها، عطفاً على المخزون الكبير المختبئ بين ظهرانينا.
اللافت للنظر أن التحضير لعمل ثقافي وفني وإبداعي، يروي تجربتنا كسعوديين في حياكة سياق لغوي فني بديع، عبر نصوص شعرية تمثل أطيافاً فكرية لأزمنة مختلفة، أنجزها بدر بن عبد المحسن بإتقان شديد، هو الإصرار بعينه على النهوض باتجاه العالم ومخاطبته والتماهي معه، وفق ما هو متعارف عليه بين شعوب العالم، لذلك كان النص الشعري لبدر بن عبد المحسن في اليونسكو، مهتماً بالإنسان دون سواه، والأرض والمكان والطقس الاجتماعي الذي يموج بالمعطيات، نحو قضاياه اليومية التي يعيشها، والتي يرتبط بها عبر مجتمعه ومحيطه الخاص، الذي يشكل البوصلة ذات الاتجاهات المتعددة لينطلق منها.
المحصلة الكبيرة لإنجاز فعل إنساني يعرض بجلاء تجربة شعب وعلاقته بالفن والحياة إلى جانب شعوب العالم، تسجل لبدر بن عبد المحسن هذه الخطوة المتقدمة التي أرّخ بها تجربته كشاعر، ذهب إلى منصة اليونسكو ليروي للعالم أجمع تجربة المملكة العربية السعودية، وما وصلت له من براعة ونجاعة في الشأن الثقافي والفني والإنساني، عبر الأنموذج الأجدر بذلك، بدر بن عبد المحسن الفنان الذي أرهف السمع والعقل بالجمال.