ترتبط كلمة النصر بالفرح، وتتعدد ألوان النصر في حياتنا، ويمكن الإشارة إلى كل نجاح إلى أنه نوع من النصر، وإن ارتبطت مفردة النصر بالحروب فقط، وارتبطت مفردة الفوز بالمباريات والمناصب إن جاءت على سابقة اختيار ومفاضلة بين أشخاص عديدين، ومفردة النجاح بالدراسة والمهمات، والفوز والنجاح كلاهما يعبران عن النصر، وإن كان النصر على طرف آخر يكون خسراناً، بينما النجاح لا يوجد طرف خاسر في المقابل.
وإن كان النجاح في الدراسة أو مهمة العمل، لا يقابلها طرف خسران، ولكن ما لا ينغصها إلا فشل صديق كنا نريد له النجاح معنا، وهذه الحالة عشتها شخصياً في سنوات الدراسة، حيث كانت مجموعة من الطلاب وأغلبيتهم من أبناء (الفريج) أو الحي السكني الواحد، وما إن دخلنا المرحلة الإعدادية ودخلت علينا مادة اللغة الإنجليزية، حتى بدأ بعض الأصدقاء بالرسوب وإعادة الفصل، فكان نجاحنا الدراسي ناقصاً وغير مكتمل الفرحة، لأننا لن نجاور على طاولة الدراسة صديقاً رسب.
هذا نوع من النصر أو النجاح قد لا يصبح مكتملاً، حيث إنه قد ارتبط بآخرين كنا نريد لهم النجاح، وكذلك حين يتم تشكيل فريقين من مؤسسة واحدة، لإنجاز مهمتين مختلفتين وينجح فريق ولا ينجح الفريق الآخر، فيصبح النجاح الأول بنكهة الحزن لعدم نجاح الفريق الآخر.
أما النصر فإنه ارتبط أكثر ما ارتبط بالحروب، وهذا يعني أن الطرف الآخر عدو، والنصر على العدو يكون مكتمل الفرح، ولكن هناك أنواعاً من النصر تكون محزنة، على الرغم من أننا نسعى إلى النصر فيها، وهي ما تكون عادة بغير الحروب.
حتى فوز أو انتصار فريق يشكل فرحاً في العادة، ولكن حين تتمنى ألا تلتقي بفريق صديق، أو أن يكون هناك نجم محبوب بالفريق الخصم، تتمنى النصر عليه، ولكنك تشعر بنوع من الحزن على هذا النصر أو الفوز، حيث إن الأمنيات دائماً ما تكون لها متطلبات، بخلاف النتيجة التي لا تعترف بالأمنيات.
وأكثر ما تكون رائحة الحزن بالنصر، حين يكون على الأقرباء أو الأصدقاء، فقد يتنافس شقيقان على أمر ما، وكلاهما يريده، فمن ينتصر سيكون نصره مطوقاً بالحزن، لأن الخاسر هو شقيق أو صديق، وهنا أعادتني الذاكرة إلى فيلم أجنبي، وصل فيه شقيقان إلى المباراة النهائية في الملاكمة، وكان والدهما هو المدرب للابن الأصغر، بعد أن تركه الابن الأكبر وغادر بعد أن دربه، وعادا وكل منهما في حاجة إلى قيمة الجائزة المالية، فكان الأب يريد لابنه الأصغر الفوز، ولكنه كان يحزن كلما ضرب شقيقه الأكبر، وبقي الصراع بين الثلاثة، فلم يشعر أحد منهم بطعم النصر.

شـعر

يا شهريار المنتشي

هي آفةُ العصرِ الذي

بالنصرِ مجدكَ قادمٌ

ملكت سناهُ جرائمُ

إن التفاتتك الشهيةَ

صِغْ شعرهنّ وسادةً

حين تبتلعُ النجومَ

لك واللحافَ جماجمُ

على موائدِ ليلةٍ حُبلى

فإذا النحورُ سنابلُ

السواقي كالظلالِ تلاحمُ

آلتْ لهنّ مواسمُ