تُحاكي «جزيرة النّور»، ذاك التصميم المبدع لحدائق تحتضنها عواصم أوروبية ضاربة في القدم، جامعة بين الجمال والسحر في «حديقة سوارفيسكي» في مدينة واتنز النمساوية، و«حدائق قصر شونبرون» في فيينّا، إلا أن مصممها المبدع أندريه هيلر ميّزها بإضاءات تُلامس القلب وتخطف زائرها إلى عالم آخر من الهدوء والإلهام، يخلع معه هموم وأثقال يوم مليء بالعمل والمتاعب.

عبر ممر الحديقة الخشبي، يحظى زائر الجزيرة بجولة استثنائية على أنغام موسيقى هادئة، تقوده إلى حيث يسبَح 22 نوعاً من الفراشات الملونة في سماء استوائية صُممت خصيصاً لها، لا يخلو نسيمها من عبَق التاريخ المنبعث من ديوان الآداب، حيث يجتمع عشاق الأدب والفنون، إذ تمتاز الجزيرة بامتزاج الضوء والموسيقى والعلوم، لتأخذ مرتادها في رحلة خيالية لاستكشاف الطبيعة.
فقد تمكنت المساحة الخضراء للجزيرة الممتدة على 45470 متراً مربعاً، من كسر المشهد الأسمنتي المعماري، على الضفاف الشمالية لـ«بُحيرة خالد»، قلب مدينة الشارقة، لتمتزج الثقافة والفنون وسحر الطبيعة في وجهة واحدة، مما يجعل منها مُلتقى مثالياً للعائلات وعشاق الطبيعة، ومُحبّي الأجواء الحافلة بالترفيه والثقافة والجمال.
 
تصاميم عالمية
تزامن افتتاح «جزيرة النور»، في الوقت الذي كانت تحتفل فيه إمارة الشارقة باختيارها عاصمة للسياحة العربية في عام 2015، وتُعتبر الجزيرة أحد «مشاريع هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)»، التي أطلقتها لتكون وجهة سياحية استثنائية، تجمع بين المتعة والفائدة لجميع أفراد العائلة، تنفيذاً لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لإيجاد وجهات فريدة من نوعها في الإمارة، لرَبْط الناس بالطبيعة، وإبراز القيم الفنية والأساليب المعمارية المتميزة.
حصلت «جزيرة النور» على تسع جوائز عالمية، تقديراً لهندستها المعمارية وتصاميمها المتميّزة، وجائزة «أفضل تصميم هندسي ترفيهي في أفريقيا والعالم والعربي»، ضمن جوائز العقارات الدولية لعام 2016، وجائزة (آي إف) للتصميم، وجائرة التصميم الألماني 2018.
 

مجسمات فنية
تضم الجزيرة مُجسّمات فنية متميزة تم العمل عليها خصّيصاً، وهي لفنانين عالميين تم اختيارهم بدقة، حيث تتضمن الجزيرة نسخة من المجسّم الشهير «أوفو»، الذي عُرض في كبرى مدن العالم، ويتميّز بشكله البيضاوي وألوانه المحفزة للخيال، بفضل التمازج بين خطوط الإضاءة وألوانها الكثيرة، حيث يجمع بين ثلاثة عناصر؛ هي الخشب ونظام الإضاءة «LED» وبخار الماء، لتُعبّر عن نهج تقوم خلاله الطبيعة بتغذية الفنون وتسليط الضوء على المفاهيم المعمارية والفنية الجديدة. أما مجسم «تورس الفني»، الذي أبدعته يد الفنان ديفيد هاربر، فيجذب الزائر بانعكاسات الضوء بمظهره اللامع كمرآة لخداع البصر وتحفيز الذهن. تم تصميم المجسم بشكل بيضاوي، وهو مصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ (ستانلس ستيل).
 
تصميم المسطحات
تمّت مُراعاة المعايير البيئية في تصميم المسطحات الخضراء في الجزيرة، للحفاظ على الماء والموارد الطبيعية، إذ تحتوي الجزيرة على تشكيلة متنوعة من الأشجار والنباتات المختلفة، حيث تمت زراعة 70 ألف نبتة وشجرة جديدة، لتُضاف إلى نحو 2200 شجرة ونبتة أخرى كانت في أرض الجزيرة قبل تطويرها. وهنالك جسر خشبي انسيابي، تمتد على طوله إضاءة باهرة، ويضم نباتات متميّزة تُضفي طابعاً جمالياً عند مدخل الجزيرة، كما يصل مَمْشَى النور الذي يبلغ طوله 3500 متر مربع، بين أجزاء ومَرافق الجزيرة.

المروج اللامعة
مروج الأزهار المتوهّجة التي تؤوي أكثر من 1200 زهرة من أزهار الألياف الزجاجية، متغيّرة الألوان بطريقة متزامنة، حيث تضفي الأضواء رونقاً خاصاً على هذه الأشجار وتُلقي ظلالاً مختلفة الألوان.
 
بيت الفراشات
تمنح الجزيرة زوارها فرصة التعرف إلى مئات الفراشات الملونة من 22 نوعاً وفصيلة مختلفة، تم توطينها من جنوب شرق آسيا وأميركا الجنوبية، تسكن داخل «بيت الفراشات»، تم تصميمه ليُحاكي طبيعة الحياة الاستوائية، بسقفه المزخرف، وجدرانه المغطاة بالنباتات المتسلقة دائمة الخضرة. وقد نال «بيت الفراشات» جائزة «استخدام المعادن في التصاميم الهندسية 2016»، في «جوائز الهندسة العالمية»، تقديراً لتصميمه الفريد وتوظيف المعادن بطريقة إبداعية فيه. وهنالك يُمكن للزائر التعرف إلى دورة حياة الفراشات، كيف تضع بيوضها التي تتحول إلى يرقات، ثم خاردات تختبئ في شرانقها، قبل أن تصبح فراشات ملونة، من أنواع نادرة ومتنوعة، فمنها المورمونية الصفراء، حمراء الجناح، فراشة الطاووس من الفليبين، وفراشة مورفو الزرقاء من كوستاريكا. ويحتوي بيت الفراشات على «مقهى نور»، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بتناول المشروبات والمأكولات الصحية الخفيفة، في أجواء مُريحة وجلسات هادئة.

ديوان الآداب
بعيداً عن إيقاع الحياة المتسارع، يستمتع زائر الجزيرة بمَلاذ منعزل وهادئ في ديوان الآداب، الذي تم تصميمه على شكل زهرة، ليندمج بسهولة مع المناطق المحيطة به، يستهدف الديوان الأدباء، المثقفين والباحثين عن الهدوء والاسترخاء داخل هذا المكان، في مُحيط دافئ وهادئ.

تجارب مبتكرة
يخوض زائر الجزيرة مغامرة مثيرة داخل «المتاهة الاستوائية»، حيث يستكشف عالم النباتات والأشجار والطيور، كما يمكنه الاستمتاع بمراقبة السماء من خلال جلسة ليلية للاستمتاع بليالي الشارقة في حضن الطبيعة، ومراقبة القمر، النجوم، والأجرام السماوية المرئية، باستخدام «التلسكوبات» التي توفرها الجزيرة لزوّارها وعشاق ما تحتضنه السماء، إلى جانب ورشة «مشاهدة الطيور وتصويرها»، وهي فرصة سانحة لمراقبة الطيور وتصويرها خلال الساعات الأولى من الصباح أو في وقت متأخر من المساء. وفي اللحظات الأولى لبزوغ شمس «جزيرة النور»، يحظى هواة الرياضات التأمّلية بجلسات «يوغا» صباحية، وهي فعالية خاصة لتشجع الزوار على ممارسة رياضة «اليوغا» مع إشراقة الصباح، وتعريفهم بأهميتها في تحفيز الحواس، وتعزيز مرونة الجسم والتوازن البدني والذهني.