الفنانة عبير نعمة.. في جِيناتها دندنات، وفي خامتها مدَى، وفي أدائها رقيّ. فهي ابنة البيت الموسيقي الشامل. تتحدث عن جديدها والمشروع الذي تتمنّى إعادته.

• يقولون إنك ولدت بصوت ذهبي؟
لو لم أولد في بيت والدي ووالدتي، لمَا كان صوتي ربما ذاته. لقد أخذت من والدي الصوت. فهو يملك مؤهلات موسيقية وصوتية عظيمة، وهو مُتقاعد من الجيش اللبناني، ويهوَى العزف على «العود» والتلحين والغناء، هو مَن علمنا، منذ البداية، أن الموسيقى ليس لها البُعد الإنساني، إلا إذا حملت أهدافاً ثقافية وإنسانية ثابتة.

بين «أسمهان» و«أم كلثوم»

• غنّيتِ وكان عُمرك ثلاث سنوات. ماذا تتذكرين من وقفتك الأولى أمام عيون وآذان العشرات؟
لم أكن أغني فقط، بل كنت أؤلف الموسيقى والكلمات والدّندنات أيضاً، وعندما أغني كانت والدتي تسجّل لي ووالدي يشجّعني، مُعتبراً أن الموسيقى من أرقى العلوم، وحين بلغتُ الثامنة من عمري أهداني أسطوانات كل من «أم كلثوم» و«أسمهان»، وأول أغنية حفظتها كانت (أهوَى) للمطربة أسمهان. وأذكر أن أبي لم يَقُل لي يوماً أن ما قدّمته كان رائعاً، بل كان يقول لي: «يُمكنك أن تفعلي أفضل»، فهو يعلم أنني مجنونة بهذا العالم، وقادرة على أن أفعل فيه الكثير.

• ماذا تَبدّل في عبير نعمة بين زمن تأديتها أغنيات كل من «أسمهان» و«أم كلثوم» وحالها اليوم؟
كل خطوة مررت بها أسّسَت لحالتي اليوم. وأنا بطبيعتي إنسانة حرّة، أرفض القيود ومنفتحة دائماً على كل جديد، وكنت أخشى دائماً التعاون مع شركة إنتاج تُلزمني بقصص لا تشبهني. لذا كنت دائمة الهروب من هذه الالتزامات، وهذا جعلني أخسر عروضاً كثيرة. وكنت دَوْماً أدير أعمالي بنفسي، بالفطرة ربما، إلى أن التقيت شركة «يونيفرسال» العالمية، التي تضم آلاف الفنانين، وشعرت بمدَى إيمانهم بقُدراتي وصوتي، فشجّعني ذلك على التعاون معها، وبدأ تعاوننا بإصدار أغنيتَي «يا ترى» و«وينك»، وأخيراً أغنية «تلفنتلّك»، من ألحان شقيقي إيلي نعمة. كما جرى التعاون بيني وبين الفنان مارسيل خليفة في ألبوم «غنّي قليلاً».

• من تنافسين؟
لا أحد يُنافسني ولا أنافس أحداً. فلكل إنسان مكانته في هذا العالم، وأفرح لنجاح أي شخص يقدّم ما يستحق الفرح.
 
طفلتي «يارا»
• ماذا عن حضور «يارا» طفلتك الوحيدة في حياتك؟
هي بلغت سن السابعة، وتتأثر طبعاً بي وبوالدها جوليو، وهو باحث موسيقي وعازف. أولادنا نراهم صورة عنّا، لكن قد يكون الشبَه صُوريّاً أكثر. و«يارا» حالة فريدة، شخصية فنانة صغيرة، وقلبها «حلو»، فهي تحب الرقص، الموسيقى، الرسم وتقول الشعر.

• هل تثقين بوجود نقاط تحوّل في الحياة؟
صحيح. الحياة تقودنا إلى اتجاهات مختلفة أحياناً، من هذه الاتجاهات التي أحبها عمل «المتنبّي»، الذي تم بالتعاون مع «هيئة أبوظبي للفنون»، والوثائقي الذي قدّمته تلفزيونياً وبحثت من خلاله عن موسيقى الشعوب المختلفة، فعرّفني بقيمة الآخَر وأننا لا ننتمي إلى مكان واحد. وشعرت بعد إنجازي 40 فيلماً وثائقياً والغناء بأكثر من 27 لغة بأنني أصبحت أنتمي إلى العالم وأن البشر يبقون غُرباء إلى أن ننظر في عيونهم ونصغي إليهم.

«أبيض وأسود»
• قدّمت في «دار الأوبرا» الكويتية، بالتعاون مع (مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي)، استعراضاً غنائياً بعنوان «أبيض وأسود»، حدّثينا عن هذه التجربة؟
لأول مرّة يُصار إلى دمج السينما بالاستعراض المسرحي في عالمنا العربي، فهو عرض ضخم جداً، مزج بين الخيال والواقع، وبين القصة المؤدّاة على المسرح وأحداث الأفلام السينمائية القديمة. لقد عشقتُ هذا العرض الذي نقلنا إلى زمن الأبيض والأسود والرومانسية، وسحر السينما الغنائية. قدّمت في هذا العمل خمسة عُروض حيّة، ولعبت دور نجمة أفلام العصر الذهبي للسينما المصرية «شاليمار» التي تقع في حب «حسن» الذي (لعب دوره الفنان المصري طارق بشير). ضم العمل 14 لوحة استعراضية، صمّمتها البريطانية فرانشيسكا جينز، وانتقلنا فيه إلى خمسينات القرن الماضي، أي إلى زمن رياض السنباطي، أسمهان، أم كلثوم، كارم محمود، ليلى مراد، محمد عبد الوهاب، نعيمة عاكف وفايزة أحمد. وهذا العمل يستحق أن يُعرض من جديد ليَراهُ كل الجمهور.

• أحلامك كثيرة، لكن ما جديدك القريب؟
هناك مُفاجأة أنتظرها، وهي عبارة عن جائزة دولية قريبة.